الآداب المطلوبة لليقين بالدعاء

اليقين في الدعاء من أهمّ الأسباب التي تقوي إجابة الدعاء فحضور القلب في الدعاء وقوة الرجاء وحسن الظن بالله واليقين بالله تعالى بالإجابة وبقدرته ورحمته من أهمّ الآداب المطلوبة في االدعاء، وإذا تحققت للداعي شروط الإجابة وانتفت الموانع عن الإجابة، فإنّ الله تعالى يستجيب الدعاء عاجلًا في الدنيا والآخرة، ففي الحديث أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (ما على الأرْضِ مُسلِمٌ يدعو اللهَ تعالى بدَعوةٍ إلَّا آتاهُ اللهُ إيَّاها، أو صَرَفَ عنه من السوءِ مثلَها، ما لم يَدْعُ بإثمٍ، أو قطيعةِ رَحِمٍ"، فقال رَجلٌ من القومِ: إذًا نُكثِرُ. قال: "اللهُ أكثرُ)،[١] وفي روايةٍ لأحمد أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:(ما مِنْ مُسلِمٍ يَدْعو بدعوةٍ ليسَ فيها إثمٌ ولا قطيعةُ رَحِمٍ إلَّا أعطاهُ اللهُ إِحْدى ثلاثٍ: إمَّا أنْ يُعَجِّلَ لهُ دعوتَهُ، وإمَّا أنْ يدَّخِرَها لهُ في الآخِرةِ، وإمَّا أنْ يصرِفَ عنهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَها).[٢][٣]


اليقين شرطٌ لإجابة الدعاء

إنَّ من أهمّ معاني اليقين بالإجابة أن يغلب على الداعي أنّ الله تعالى سيستجيب منه الدعاء فيحسن به الظنّ؛ ففي الحديث القدسي فيما يرويه النبيّ -صلى الله عليه وسلم- عن ربّه -تبارك وتعالى- أنَّه قال: (أنا عند ظنِّ عبدِي بي إنْ ظنَّ خيرًا فلهُ، وإنْ ظنَّ شرًّا فلهُ)،[٤] قال القرطبي -رحمه الله تعالى-: " قيل معنى ظن عبدي بي: ظنّ الإجابة عند الدعاء، وظنّ القبول عند التوبة، وظنّ المغفرة عند الاستغفار، وظنّ المجازاة عند فعل العبادة بشروطها، تمسكاً بصادق وعده، ويؤيده قوله في الحديث الآخر:(ادعوا اللهَ وأنتم موقنونَ بالإجابةِ)،[٥] قال: ولذلك ينبغي للمرء أن يجتهد في القيام بما عليه، موقنًا بأنَّ الله يقبله، ويغفر له، لأنَّه وعد بذلك، وهو لا يخلف الميعاد، فإن اعتقد أو ظنّ أنَّ الله لا يقبلها، وأنَّها لا تنفعه، فهذا هو اليأس من رحمة الله، وهو من الكبائر".[٦]


ثمرات اليقين وآثاره

لليقين بالله تعالى فوائد وآثار كثيرة وثمرات عظيمة تعود على المسلم في الدنيا والآخرة وفيما يأتي بعضٌ من هذه الثمار:[٧]

  • أنَّ اليقين من أعظم أسباب حياة القلب وقوته ونشاطه وطمأنينته، فهو يزيل عن القلب الشكّ والريب والسّخط، ويملؤه نورًا وإشراقًا ورجاءً وخوفًا ومحبةً لله تعالى، وهو أهمّ أسباب زيادة أعمال القلوب في قلب العبد كالإنابة والتوكل والخشية والخوف وإحسان الظن بالله تعالى، ولا بدَّ لليقين من علم صحيح يوصل بالرجاء والخوف فهما يدفعان إلى العمل بتحري الاتّباع والإخلاص.
  • أنَّ اليقين من أعظم أسباب قوة الإيمان وزيادته، وباليقين تنال الإمامة في الدين، يقول ابن القيم رحمه الله تعالى-: "سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين ثم تلا قوله تعالى:{وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ}".[٨]
  • أنَّ اليقين سبب من أسباب توفيق الله -تبارك وتعالى- لعبده الجواب الصحيح حين سؤال الملكين في القبر -نسأل الله الثبات على الحق- كما أنَّ اليقين سبب لدخول الجنة، فقد ثبت أنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: (فَأُوحِيَ إلَيَّ: أنَّكُمْ تُفْتَنُونَ في قُبُورِكُمْ - مِثْلَ أوْ - قَرِيبَ - لا أدْرِي أيَّ ذلكَ قالَتْ أسْمَاءُ - مِن فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ، يُقَالُ ما عِلْمُكَ بهذا الرَّجُلِ؟ فأمَّا المُؤْمِنُ أوِ المُوقِنُ - لا أدْرِي بأَيِّهِما قالَتْ أسْمَاءُ - فيَقولُ: هو مُحَمَّدٌ رَسولُ اللَّهِ، جَاءَنَا بالبَيِّنَاتِ والهُدَى، فأجَبْنَا واتَّبَعْنَا، هو مُحَمَّدٌ ثَلَاثًا، فيُقَالُ: نَمْ صَالِحًا قدْ عَلِمْنَا إنْ كُنْتَ لَمُوقِنًا بهِ. وأَمَّا المُنَافِقُ أوِ المُرْتَابُ - لا أدْرِي أيَّ ذلكَ قالَتْ أسْمَاءُ - فيَقولُ: لا أدْرِي، سَمِعْتُ النَّاسَ يقولونَ شيئًا فَقُلتُهُ)،[٩] وقال -صلى الله عليه سلم- في الحديث الآخر: (مَن لَقِيَ يَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُسْتَيْقِنًا بها قَلْبُهُ بَشَّرَهُ بالجَنَّةِ؟).[١٠]
  • أنَّ اليقين من أسباب انشراح الصدر وسلامة القلب، والسلامة من الخوف والتردد والقلق.
  • أنَّ اليقين من يُعين العبد على الرضا بالقضاء والقدر، الصبر، قال تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ}،[١١] يقول الصحابيّ الجليل عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- في تفسير الآية السابقة: "هو العبد تصيبه المصيبة فيعلم أنَّها من الله فيرضى ويسلم".
  • أنَّ اليقين من أفضل مواهب الله تعالى.
  • أنَّ اليقين من أعظم الأسباب التي تُعين العبد على العبادات.


اليقين بالله من علامات إجابة الدعاء

من علامات قرب إجابة الدعاء اليقين بالله تعالى؛ لأنّه مبنيّ على حسن الظنّ بالله تعالى، وفي مقابله اليأس من رحمة الله تعالى والقنوط من عفوه ورحمته، يقول تعالى: {إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}.[١٢][١٣]


المراجع

  1. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج رياض الصالحين، عن عبادة بن الصامت، الصفحة أو الرقم:1501، حديث صحيح.
  2. رواه شعيب الأرناووط، في تخريج شرح السنة، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:187، حديث صحيح.
  3. "الآداب المطلوبة لليقين بإجابة الدعاء"، إسلام ويب، 26/9/2012، اطّلع عليه بتاريخ 10/4/2021. بتصرّف.
  4. رواه السيوطي، في الجامع الصغير ، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:6032، حديث حسن.
  5. رواه ابن القيسراني، في تذكرة الحفاظ، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:22، حديث فيه صالح بن بشير المري متروك الحديث.
  6. "لماذا كان اليقين شرطا لاستجابة الدعاء"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 10/4/2021. بتصرّف.
  7. " " ثمرات اليقين وآثاره ""، الكلم الطيب، اطّلع عليه بتاريخ 10/4/2021. بتصرّف.
  8. سورة السجدة، آية:24
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أسماء بنت أبي بكر، الصفحة أو الرقم:86، حديث صحيح.
  10. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:31، حديث صحيح.
  11. سورة التغابن، آية:11
  12. سورة يوسف، آية:87
  13. "هل اليأس من علامات قرب إجابة الدعاء؟"، إسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 13/4/2021. بتصرّف.