مفهوم الشكر

يعرف الشكر لغة: بأنَّه مدح المحسِن بما أولاه من المعروف، فيقال: شَكَرْتُهُ وشَكَرْتُ له،[١] ويُعرف شرعًا بأنَّه: عبارَة عَن مَعْرُوف يُقَابل النِّعْمَة سَوَاء كَانَ بِاللِّسَانِ أَو بِالْيَدِ أَو بِالْقَلْبِ، وَقيل هُوَ مدح المحسن بِذكر إحسانه فَالْعَبْد يشْكر الله تَعَالَى أَي يثني عَلَيْهِ بِذكر إحسانه الَّذِي هُوَ نعْمَته وَالله يشْكر للْعَبد أَي يثني عَلَيْهِ بِقبُول إحسانه الَّذِي هُوَ طَاعَته.[٢]


كيف أشكر الله على استجابة الدعاء؟

إذا أخذ المسلم بأسباب قبول الدعاء ومناجاة الله تعالى، فإنَّ الله تعالى يمنُّ عليه بقبول دعائه، لقوله سبحانه وتعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}،[٣] فإذا قََبِل الله الدعاء يشعر العبد أنَّه بحاجة إلى تقديم شكر وثناء من أجل أن يزداد من النعم التي سوف يغدقها الله عليه؛ حيث يقول سبحانه وتعالى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ[٤] ولكن البعض يتساءل عن أفضل شكر وثناء يقدمه لله تعالى؛ لاجابته الدعاء، وقد أورد الإمام ابن القيم -رحمه الله- إجابة على هذا التساؤل حيث قال في أفضل الشكر: "وَهُوَ ظُهُورُ أَثَرِ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَى لِسَانِ عَبْدِهِ: ثَنَاءً وَاعْتِرَافًا. وَعَلَى قَلْبِهِ: شُهُودًا وَمَحَبَّةً. وَعَلَى جَوَارِحِهِ: انْقِيَادًا وَطَاعَةً"،[٥] فمن أراد أن يشكر الله على إجابة الدعاء فعليه أن يلهج لسانه بالذكر وقلبه بالإخلاص والمحبة وجوارحه بالطاعات.[٦]


شكر الله باللسان على استجابة الدعاء

هو التلفّظ بالشكر لله تعالى، إتماماً لما وقع في قلب المسلم من الفرح، وإقراراً بالنعمة وواهبها الذي أجاب الدعاء،[٧] وأبرز أمثلتها ما يأتي:

  • التحدّث بنعم الله عليك من خلال إضافتها إليه سبحانه وتعالى، وليس ضرب من ضروب التكبر، قال تعالى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ}.[٨]
  • الإكثار من تحميد الله تعالى كما فعل سيدنا إبراهيم -عليه السلام-، حيث قال بعد إجابة الله لدعوته: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ ۚ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ}،[٩] وقول " الحمد لله رب العالمين" لقول الله تعالى: {دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ ۚ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}.[١٠]
  • التبرّء من حول الإنسان وقوّته فيما عنده من نِعم، ونسبة النعم إلى الله تعالى، حيث قال جلّ من قائل: {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ۖ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ}.[١١]
  • قراءة القرآن الكريم وتدبر ما فيه من الآيات الكريمة والذكر الحكيم، قال تعالى: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا}.[١٢]


شكر الله بالقلب على استجابة الدعاء

يجب على المسلم أن يشكر الله بالقلب على استجابة الدعاء،[١٣] وذلك من خلال ما يأتي:

  • اعتراف القلب على استجابة الدعاء، ويقينه أنَّ كل دعاء أُجيب من الله عز وجل ولا أحد متفضل سواه.
  • التوجُّهُ الخالص لله تعالى، بحيث لا يكونُ قلبُه متعلِّقًا إلا بربِّه ومعبوده وخالقه عزَّ وجلَّ، وذِكْرِ الله، وقراءةِ القرآن، ومجالسة الصَّالحين.
  • استشعار قيمة الدعاء الذي أسبغه الله عليه وأوهبها له، مما يولّد عنده دوام إخلاص النية في دعائه.
  • أن يملأ قلبه بالإيمان والأخلاق الحسنة ويخلّي بينه وبين الضغائن والحسد والبغيضة من أمراض القلوب.
  • أن ينتفض قلبه عندما يذكره أحد بالله تعالى، وتنتفض مشاعره وأحاسيسه لذلك.


شكر الله بالجوارح على استجابة الدعاء

يجب على المسلم أن يشكر الله بالجوارح على استجابة الدعاء،[١٣] وذلك من خلال ما يأتي:

  • أفضل العبادات البدنية الصلاة على وقتها فرضاً أو نافلةً.
  • طاعة الله تعالى بكل أنواعها من طرق الشكر على إجابة الدعاء، وهي أحد أشكال شكر أعضاء الجسد؛ حيث قال تعالى: {اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا ۚ وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ}.[١٤]
  • سجود الشكر؛ فيمكن للمسلم أن يسجد عند قبول الدعاء، أو صول الخبر المفرح، أو حصول ما يحلم به، أو نجاته من مصيبة أو موت، وهي سجدة دون صلاة، ولا يشترط لها وضوء، أو طهارة، ولا حتى التوجه إلى القبلة؛ حيث يسجد العبد على الحال والمكان الموجود فيه.
  • الصدقة؛ فبها ينال بها المسلم رضا الله تعالى والأجر العظيم.
  • إفراح الناس وتقديم الهدايا لهم والطعام.


الفرق بين الحمد والشكر

هناك تماثل بين الحمد والشكر،[١٥] وفي الآتي بيان الفرق بينهما:

  • الحمد: تمجيد الله تعالى بكامل الأسماء والصفات الخاصة به، ونقيض الحمد الذم، وقيل: الثَّنَاء بِاللِّسَانِ على قصد التَّعْظِيم،[١٦] فالحمد عام بالنسبة للشكر من حيث إن الشكر لا يصير إلاّ على نعمة أسداها المشكور على الشاكر، والحمد لا يشترط أن يكون مقابل نعمة، بل لأنَّ الخالق سبحانه وتعالى يوصف بأفضل الصفات، فلا نقول نشكر الله على النعم والعطايا وإنما نقول نحمد الله على نعمه.
  • الشكر: تعريفه عام عند مقابلته بالحمد؛ لأنَّ الشكر مختص بثلاثة أوصاف من جسم الإنسان وأما الحمد بصفة واحدة فقط، ويختص الحمد في المدح بالكلام على خصائص الخالق الفريدة ويختص الشكر بالقلب والجوارح فقط، وشكر العباد يدور على ثلاثة أركان أساسية حتى يكون عبداً شكوراً، أحدها أن يعترف بنعم الله عليه، والثاني أن يثني على الله بها، والثالث أن يستغلها في مرضاة الله تعالى.


المراجع

  1. إسماعيل الفارابي ، تاج الصحاح، صفحة 702.
  2. عبدالنبي نكري ، جامع العلوم في اصطلاحات الفنون، صفحة 160.
  3. سورة البقرة ، آية:186
  4. سورة إبراهيم ، آية:7
  5. ابن قيم الجوزية ، مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين، صفحة 234.
  6. محمد أكجيم (28/8/2014)، "شكر الله عز وجل "، الألوكة ، اطّلع عليه بتاريخ 12/4/2021. بتصرّف.
  7. سورة الضحى ، آية:11
  8. سورة إبراهيم، آية:39
  9. سورة يونس ، آية:10
  10. سورة النحل ، آية:53
  11. سورة المزمل، آية:4
  12. ^ أ ب لجنة الإفتاء (1/12/2007)، "أفضل العبادات التي يتقرب بها إلى الله "، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 13/4/2021. بتصرّف.
  13. سورة سبأ، آية:13
  14. ابن القيم الجوزية ، كتاب عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين، صفحة 787. بتصرّف.