يُستحسن بالمسلم التحلّي بعدّة آدابٍ عند الدعاء، منها: بدء وختم الدعاء بحمد الله والثناء عليه، والصلاة والسلام على النبيّ محمّدٍ -عليه الصلاة والسلام-، والخضوع والذل والانكسار له -سبحانه-، وتكرار الدعاء والإلحاح فيه إلى أن يستجيب الله، واستقبال القبلة، وغيرها من الآداب الآتي بيانها.[١]
الدعاء
يُعرّف الدعاء في اللغة والاصطلاح الشرعيّ بعدّة تعريفاتٍ بيانها آتياً:[٢]
- الدعاء لغةً: يُعرّف بعدّة تعريفاتٍ؛ منها: الطلب والسؤال، والعبادة، والاستعانة والاستغاثة، والنداء، والتوحيد.
- الدعاء شرعاً: هو إظهار الفقر والحاجة والذلّ لله -عزّ وجلّ-، والتبرؤ من الحول والقوة لجوءاً إلى حوله وقوته فقط، ورغبةً ورهبةً إليه، طلباً لِما ينفع العبد ويحقّق رغبته.
آداب الدعاء
يُستحسن الإتيان بعدّةٍ آدابٍ عند الدعاء، يُذكر منها:[١]
- استفتاح الدعاء بحَمْد وشُكر الله، والثناء عليه، والصلاة على النبيّ محمدٍ -عليه الصلاة والسلام-، وختم الدعاء بذلك أيضاً.
- التوجّه إلى الله -تعالى- وحده بالدعاء في كلّ الأحوال والأوقات، أوقات الرخاء والشدّة، والضعف والقوة.
- الدعاء بالخير والبرّ، وعدم الدعاء على النفس أو الأهل أو الولد أو المال.
- خفض الصوت عند الدعاء، وعدم رفع الصوت به.
- الخضوع والذلّ لله -سبحانه- حين الدعاء، وإظهار الفقر والحاجة إليه.
- المواظبة على الدعاء والسؤال، وتكراره.
- التقرّب من الله -سبحانه- والتوسّل إليه بأسمائه الحُسنى، وصفاته العليا، والأعمال الصالحة التي قام بها العبد، ويُمكن طلب الدعاء من رجلٍ صالحٍ.
- الاعتراف بالذنوب والخطايا والأعمال السيئة، والنِّعم التي أنعم بها الله على عباده، والإقرار بها.
- عدم التكلّف بالدعاء، والدعاء بما تيسّر من الألفاظ والعبارات.
- تكرار الدعاء ثلاث مرّاتٍ.
- استقبال القبلة حين الدعاء، ورفع اليدين.
- الوضوء قبل الدعاء إن تيسّر.
- البكاء في الدعاء خشيةً من الله -سبحانه-.
- الدعاء للنفس أولاً، ثمّ للغير.
- التوبة والإنابة إلى الله -سبحانه-، وردّ الحقوق إلى أصحابها.
- الدعاء للوالدين حين الدعاء للنفس والغير، والدعاء أيضاً للمؤمنين والمؤمنات.
شروط الدعاء
يُشترط في الدعاء عدّة أمورٍ لا بدّ من توفّرها في الدعاء، وهي:[٣]
- إفراد الله -سبحانه- بالدعاء، وعدم دعاء غيره.
- حُسن الظّن بالله -تعالى-، واليقين باستجابته للدعاء.
- عدم الاستعجال باستجابة الله للدعاء.
- الحرص على الكسب والمطعم والمشرب الحلال.
أوقات استجابة الدعاء
تُتحرّى استجابة الدعاء في مواضع وأوقاتٍ محدّدةٍ، منها:[٤][٥]
- بين الأذان والإقامة: فقد قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: "الدعاءُ لا يُردُّ بين الأذانِ والإقامةِ".[٦]
- آخر الليل في الثلث الأخير منه: فقد أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: "يَنْزِلُ رَبُّنا تَبارَكَ وتَعالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إلى السَّماءِ الدُّنْيا، حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ فيَقولُ: مَن يَدْعُونِي فأسْتَجِيبَ له، مَن يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَن يَسْتَغْفِرُنِي فأغْفِرَ له".[٧]
- في السجود: إذ إنّ العبد أقرب ما يكون من ربّه وهو ساجد، قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: "أَقْرَبُ ما يَكونُ العَبْدُ مِن رَبِّهِ، وهو ساجِدٌ، فأكْثِرُوا الدُّعاءَ".[٨]
- آخر الصلاة قبل التسليم منها: علّم النبيّ -عليه الصلاة والسلام- المسلمين التشهّد في الصلاة ثمّ أخبرهم بالدعاء بعده قائلاً: "ثُمَّ يَتَخَيَّرُ مِنَ الدُّعَاءِ أعْجَبَهُ إلَيْهِ، فَيَدْعُو".[٩]
- ساعةٌ في يوم الجمعة: فإمّا حين خطبة الجمعة إلى حين انقضاء الصلاة، وإمّا من بعد العصر إلى أذان المغرب، قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: "في يوم الجمعة ساعةٌ لا يصادفُها عبدٌ مسلمٌ وَهوَ يصلِّي يسألُ اللَّهَ حاجةً إلَّا أعطاهُ إيَّاها".[١٠]
- ليلة القدر: إذ إنّها من الليالي المباركة العظيمة، قال -تعالى-: "لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ".[١١]
- يوم عرفة: قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: "خيرُ الدُّعاءِ دعاءُ يومِ عرفةَ".[١٢]
موانع إجابة الدعاء
تحول بعض الأمور دون استجابة الدعاء، يُذكر منها:[١٣]
- إتيان الأمور المحرّمة كثيراً: كالأكل والشرب واللباس وغير ذلك، فقد أخرج الإمام مُسلم في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: "إنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إلَّا طَيِّبًا، وإنَّ اللَّهَ أمَرَ المُؤْمِنِينَ بما أمَرَ به المُرْسَلِينَ، فقالَ: {يا أيُّها الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ واعْمَلُوا صالِحًا، إنِّي بما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ}[المؤمنون:51] وقالَ: {يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ}[البقرة:172]، ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أشْعَثَ أغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إلى السَّماءِ، يا رَبِّ، يا رَبِّ، ومَطْعَمُهُ حَرامٌ، ومَشْرَبُهُ حَرامٌ، ومَلْبَسُهُ حَرامٌ، وغُذِيَ بالحَرامِ، فأنَّى يُسْتَجابُ لذلكَ؟".[١٤]
- استعجال الإجابة وترك الدعاء: فالجدير بالعبد عدم قطع الرجاء بالله -سبحانه- بسبب تأخّر الإجابة، فالله يحبّ العبد المٌكثر من الدعاء المكرّر له، قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: "يُستَجابُ لأحدِكم ما لم يعْجَلْ فَيَقولُ قَد دَعوتُ فلَم يُستَجَبْ لي".[١٥]
- ارتكاب المعاصي: فالوقوع في الشهوات سببٌ لعدم نيل الخير، قال الله -تعالى-: "إِنَّ اللَّـهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَومٍ حَتّى يُغَيِّروا ما بِأَنفُسِهِم وَإِذا أَرادَ اللَّـهُ بِقَومٍ سوءًا فَلا مَرَدَّ لَهُ وَما لَهُم مِن دونِهِ مِن والٍ".[١٦]
- ترك الواجبات وأوامر الله: فالإقبال على الطاعات والعبادات من أسباب استجابة الدعاء، قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: "والذي نفسي بيدِه لتَأمرُنَّ بالمعروفِ ولتَنهوُنَّ عن المنكرِ أوليُوشِكَنَّ اللهُ أن يَبعثَ عليكمْ عقابًا منهُ فتدعونهُ فلا يَستجيبُ لكمْ".[١٧]
- الدعاء بالإثم أو قطيعة الرَّحم: فلا يُستجاب ذلك الدعاء قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: "ما من مسلمٍ يدعو بدعوةٍ ليس فيها إثمٌ، ولا قطيعةُ رَحِمٍ؛ إلا أعطاه بها إحدى ثلاثَ...".[١٨]
فضل الدعاء
تترتّب العديد من الفضائل على الدعاء، منها:
- طاعة الله -سبحانه- وامتثال أوامره: قال -تعالى-: "وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ".[١٩]
- دفع وطرد غضب الله -عزّ وجلّ-: قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: "مَن لم يسألِ اللهَ يغضبْ علَيهِ".[٢٠]
- السلامة من العجر: قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: "أعجَزُ النَّاسِ من عجزَ عَنِ الدُّعاءِ".[٢١]
- تحقيق معيّة الله -سبحانه-: قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام- فيما يرويه عن ربه -عزّ وجلّ-: "أنا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بي وأنا معهُ إذا دَعانِي".[٢٢]
المراجع
- ^ أ ب سعيد بن وهف القحطاني، شروط الدعاء وموانع الإجابة في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 34-52. بتصرّف.
- ↑ ماهر بن عبد الحميد بن مقدم، شرح الدعاء من الكتاب والسنة، صفحة 11-12. بتصرّف.
- ↑ أزهري أحمد محمود، طريقك إلى الدعاء المستجاب، صفحة 10-13. بتصرّف.
- ↑ ابن باز، "الأوقات التي تجاب فيها الدعوات"، ابن باز، اطّلع عليه بتاريخ 3/1/2021. بتصرّف.
- ↑ أزهري أحمد محمود، طريقك إلى الدعاء المستجاب، صفحة 20. بتصرّف.
- ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:212، حسن صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:7494، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:482، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:835، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1046، صحيح.
- ↑ سورة القدر، آية:3
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن جد عمرو بن شعيب، الصفحة أو الرقم:3585، حسن.
- ↑ سعيد بن وهف القحطاني، شروط الدعاء وموانع الإجابة في ضوء الكتاب والسنة، صفحة 27-33. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1015، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1484، صحيح.
- ↑ سورة الرعد، آية:11
- ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن حذيفة بن اليمان، الصفحة أو الرقم:2169، حسن.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن ابي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:1633، حسن صحيح.
- ↑ سورة الزمر، آية:60
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:3373، حسن.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1044، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:2675، صحيح.