الله سميع الدعاء

الله -سبحانه وتعالى- يسمع دعاء عبده الداعي، ويستجيب دعوته، فهو القريب المجيب، وهو الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو الذي يعلم ما في الصدور فهو السميع العليم، وهو الذي سمع دعاء يونس -عليه السلام- عندما ناداه في ظلمات ثلاث في ظلمة الليل وظلمة البحر وظلمة بطن الحوت فاستجاب له ونجاه من الغم، وكذلك ينجي كل داع مستغيث قال -تعالى-: {هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ ۖ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً ۖ إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ* فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ}،[١] وقال -تعالى- على لسان ابراهيم -عليه السلام-: {رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ ۗ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِن شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ* الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ ۚ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ}.[٢][٣]


دعاء اللهم يا سامع الصوت

انتشر لدى بعض الناس دعاء طويل يبدأ بهذه الجملة "اللهم يا سامع الصوت" يتداولونه فيما بينهم بدعوى أنَّه دعاء مستجاب، ولكن في الحقيقة أنَّ هذا الدعاء لم يرد ولم يثبت في السنة النبوية على الإطلاق، فلا يصح أن يقال عنه بأنَّه دعاء مستجاب، لأنَّ هذا القول يحتاج إلى دليل شرعي، ولا دليل على ذلك من الكتاب أوالسنة، وهذا نص الدعاء:

  • "اللهم يا سامع الصوت، ويا سابق الفوت، ويا كاسي العظام لحما بعد الموت، ويا من أجاب نوحا حين ناداه، وكشف الضر عن أيوب في بلواه، وسمع يعقوب في شكواه، ورد إليه يوسف وأخاه، وبرحمته ارتد بصيرا وأعاد النور إلى عينيه، وليس بعزيز عليك وليس بعسير عليك أن ترزقني ـ وتسمي حاجتك ـ سبحانك لا إله إلا أنت يا ذا الجلال والإكرام، يا رب، يا رب، يا رب، يا من نجيت محمدا صلى الله عليه وآله وسلم حين نسجت على الغار خيوط العنكبوت، وأمنت يونس في بطن الحوت، وحفظت موسى في اليم والتابوت، ليس بعسير عليك أن ترزقني ـ وتسمي حاجتك ـ سبحانك لا إله إلا أنت، يا ذا الجلال والإكرام، يا رب، يا رب، يا رب، يا خالق السماوات والأرض والليل والنهار والشمس والقمر والنجوم والكواكب والشجر والدواب والماء والتراب وكل شيء، وعلمت الإنسان ما لم يعلم، ورفعت السماوات بغير عمد نراه، ليس بعسير عليك وليس بعزيز عليك أن ترزقني ـ وتسمي حاجتك ـ سبحانك لا إله إلا أنت، يا ذا الجلال والإكرام، يا رب، يا رب، يا رب، اللهم إني عبدك الذليل الفقير المسكين سجدت لوجهك العظيم ابتهالا وتضرعا ورجاء وضعفي وعجزي وقلة حيلتي وهواني على الناس ويقينا واعترافا وتصديقا بأنك أنت الله وحدك لا شريك لك لك الملك ولك الحمد بيدك الخير كله وأنت على كل شيء قدير، اللهم إني أسألك بأنك أنت الله الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ولم يتخذ صاحبة ولا ولدا، وأسألك اللهم باسمك الأعظم الذي إذا سئلت به أعطيت وإذا دعيت به أجبت وإذا استرحمت به رحمت، وإذا استفرجت به فرجت، يا أرحم الراحمين، يا مالك يوم الدين، إياك نعبد وإياك نستعين ارزقني ـ وتسمي حاجتك ـ سبحانك لا إله إلا أنت، يا ذا الجلال والإكرام، اللهم يا ذا العزة والجبروت، يا مالك الملك والملكوت أسألك اللهم بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أو علمته أحدا من خلقك أن ترزقني ـ وتسمي حاجتك ـ سبحانك لا إله إلا أنت يا ذا الجلال والإكرام، يا رب، يا رب، يا رب، يا مالك الملك، يا مالك الملك، يا من تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء بغير حساب ليس بعسير عليك وليس بعزيز عليك أن ـ وتسمي حاجتك ـ سبحانك لا إله إلا أنت يا ذا الجلال، اللهم إنك قلت وقولك الحق: ادعوني أستجب لكم ـ اللهم إنا دعوناك كما أمرتنا فاستجب لنا كما وعدتنا، يا أكرم من سئل، ويا أجود من أعطى، وحسبنا الله ونعم الوكيل".[٤]


هل يجوز استعمال هذا الدعاء؟

أما بالنسبة لجواز استعمال هذا الدعاء فلا بأس في ذلك، لأن محتواه صحيح المعنى، ولا يشتمل على منكر، وقد جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ليَتَخيَّرْ أحدُكم مِن الدُّعاءِ أعجبَه إليه، فليَدْعُ به ربَّه عزَّ وجلَّ)،[٥] ومع ذلك فالأولى والأفضل ترك هذا الدعاء، وعدم الأخذ به وعدم نشره بين الناس، لأنَّه يشتمل على سجع وتكلّف مخالف للسُّنة،[٤] والسجع والتكلّف في الدعاء من موانع الإجابة، وقد ورد عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: (فَانْظُرِ السَّجْعَ مِنَ الدُّعَاءِ فَاجْتَنِبْهُ، فإنِّي عَهِدْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأَصْحَابَهُ لا يَفْعَلُونَ إلَّا ذلكَ يَعْنِي لا يَفْعَلُونَ إلَّا ذلكَ الِاجْتِنَابَ)،[٦] ولأنَّ في السُّنة النبوية من الأدعية الكثيرة ما يغني عنه، والأولى أن يتبع المسلم السُّنة ويلتزم بها ولا يخرج عنها، لأنَّ الله -تعالى- أمرنا باتباع النبي والاقتداء به، ولا أحب على الله -تعالى- من اتباع نبيه -صلى الله عليه وسلم- قال -تعالى-: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ}،[٧] فينبغي على المسلم أن يتحرّى ما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من أدعية، لأنَّ في دعائه -صلى الله عليه وسلم- جوامع الخير، وقد كان -صلى الله عليه وسلم- يحب الجوامع من الدعاء ويترك ما سوى ذلك، فالأفضل في الدعاء أن يدعو المسلم بما جاء في القرآن الكريم من أدعية، وبما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في سنته، ففيهما كل الخير والكفاية.[٨]


المراجع

  1. سورة آل عمران، آية:38-39
  2. سورة ابراهيم، آية:38-39
  3. محمد راتب النابلسي، "اسم الله السميع 2"، الكلم الطيب، اطّلع عليه بتاريخ 12/4/2021. بتصرّف.
  4. ^ أ ب رقم الفتوى: 224173 (21/10/2013)، "دعاء: اللهم يا سامع الصوت، ويا سابق الفوت... لا بأس به"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 12/4/2021. بتصرّف.
  5. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:4160، حديث إسناده صحيح على شرط مسلم.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم:6337 ، حديث صحيح.
  7. سورة آل عمران، آية:31
  8. رقم السؤال215106 (16/11/2014)، "السجع والتكلف في الدعاء والاستغفار من موانع الاستجابة"، الاسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 12/4/2021. بتصرّف.