الدعاء

الدعاء من أفضل العبادات وأحبها إلى الله - تعالى-، وهو الطلب وإظهار الفقر والحاجة لله -تعالى-، وفيه الثناء على الله عزّ وجل، قال -تعالى-: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}،[١][٢] فالدعاء راحة وسعادة، تطلب فيه الرحمة والحماية والمغفرة من الله، فهو شفاء للقلوب وسبب في جلب الخير ودفع الأذى والشر، ودعوة المؤمن لا ترد، لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (ما مِنْ مُسلِمٍ يَدْعو بدعوةٍ ليسَ فيها إثمٌ ولا قطيعةُ رَحِمٍ إلَّا أعطاهُ اللهُ إِحْدى ثلاثٍ: إمَّا أنْ يُعَجِّلَ لهُ دعوتَهُ، وإمَّا أنْ يدَّخِرَها لهُ في الآخِرةِ، وإمَّا أنْ يصرِفَ عنهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَها)،[٣] فيجب الإخلاص لله -تعالى- في الدعاء، والدعاء بصدق واعتقاد ويقين جازم بأن الله سيستجيب.[٤]


كيف يستجيب الله دعائي؟

إنّ للدعاء آداباً وأحكاماً يجب على الداعي مراعاتها حتى يكون دعاؤه مستجاباً بإذن الله، ومنها:[٥][٦]

  • الإخلاص لله -تعالى- في الدعاء، ولا يدعو المسلم إلا الله عزّ وجل، قال -تعالى-: {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}.[٧]
  • حضور القلب واستشعار عظمة الله -تعالى- عند الدعاء، وإحسان الظن بالله تعالى، لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (ادْعُوا اللهَ وأنتمْ مُوقِنُونَ بالإجابةِ، واعلمُوا أنَّ اللهَ لا يَستجيبُ دُعاءً من قلْبٍ غافِلٍ لَاهٍ).[٨]
  • الصبر وعدم استعجال الإجابة، لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-:(يُسْتَجابُ لأحَدِكُمْ ما لَمْ يَعْجَلْ، يقولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي).[٩]
  • الإكثار من الدعاء في وقت الرخاء واليُسر، لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلّم-: (من سرَّه أنِ يستجيبَ اللهُ له عند الشدائدِ والكربِ فلْيُكثرْ من الدعاءِ في الرخاءِ).[١٠]
  • الإلحاح في الدعاء، والإكثار من قول (يا رب)، فإن الله -تعالى- يحب الملحين في الدعاء، وقد (كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يُعجبُهُ أن يدعو ثلاثًا ويستغفرُ ثلاثًا).[١١]
  • التوبة، والابتعاد عن المعاصي والذنوب، وكثرة الاستغفار، فهذه من أعظم الأسباب لاستجابة الدعاء، قال -تعالى-: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا* يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا*وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا}.[١٢]
  • الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (والَّذي نفسي بيدِه لتأمُرُنَّ بالمعروفِ ولتنهَوُنَّ عن المنكرِ أو ليوشِكَنَّ اللهُ يبعثُ عليكم عذابًا منه ثمَّ تدعونه فلا يستجيبُ لكم).[١٣]
  • الأدب وعدم الاعتداء ورفع الصوت في الدعاء، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (سيَكونُ قومٌ يعتدونَ في الدُّعاءِ فإيَّاكَ أن تَكونَ منهُم إنَّكَ إن أُعطيتَ الجنَّةَ أُعطيتَها وما فيها منَ الخيرِ وإن أُعِذتَ منَ النَّارِ أُعِذتَ منها وما فيها منَ الشَّرِّ).[١٤]
  • بدء الدعاء بحمد الله والثناء عليه وتعظيمه، ثم بالصلاة على رسول الله، كما قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلم-: (كانَ يَستفتحُ دعاءَه بـ : سبحانَ ربيَ العليِّ الأعلى الوهابِ).[١٥]
  • الدعاء بخشوع وتضّرع وخفية، قال -تعالى-: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}.[١٦]
  • الدعاء بالخير، وأن لا يكون الدعاء بِشر أو إثم أو قطيعة رحم، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (لا يَزَالُ يُسْتَجَابُ للعبدِ ما لم يَدْعُ بإثمٍ أو قَطِيعةِ رَحِمٍ).[١٧]
  • الدعاء بأسماء الله الحسنى وصفاته، قال -تعالى-: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}.[١٨]
  • الإكثار من ذِكر الله تعالى، فكثير الذِكر مُجاب الدعاء، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلم-: (ثلاثةٌ لا يردُّ دعاؤهُم : الذاكِرُ اللهَ كثيرا، ودعوةُ المظلومِ، والإمامُ المقسطُ).[١٩]


أوقات إجابة الدعاء

ينبغي للمسلم أن يدعي الله في كل وقت، ولكن هناك أوقات مباركة يستجاب فيها الدعاء، ومنها: [٢٠][٢١]

  • الدعاء في السجود، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (أَقْرَبُ ما يَكونُ العَبْدُ مِن رَبِّهِ، وهو ساجِدٌ، فأكْثِرُوا الدُّعاءَ).[٢٢]
  • الدعاء بين الأذان والإقامة،(لا يُردُّ الدعاءُ بين الأذانِ والإقامةِ).[٢٣]
  • الدعاء يوم الجمعة، (أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذَكَرَ يَومَ الجُمُعَةِ، فَقالَ: فيه سَاعَةٌ، لا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ، وهو قَائِمٌ يُصَلِّي، يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى شيئًا، إلَّا أعْطَاهُ إيَّاهُ وأَشَارَ بيَدِهِ يُقَلِّلُهَا).[٢٤]
  • الدعاء أثناء الاستيقاظ في الليل، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن تَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ، فَقالَ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لا شَرِيكَ له، له المُلْكُ وله الحَمْدُ، وهو علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ، الحَمْدُ لِلَّهِ، وسُبْحَانَ اللَّهِ، ولَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، واللَّهُ أَكْبَرُ، ولَا حَوْلَ ولَا قُوَّةَ إلَّا باللَّهِ، ثُمَّ قالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، أَوْ دَعَا، اسْتُجِيبَ له، فإنْ تَوَضَّأَ وصَلَّى قُبِلَتْ صَلَاتُهُ).[٢٥]
  • الدعاء في الثلث الأخير من الليل، لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (يَنْزِلُ رَبُّنا تَبارَكَ وتَعالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إلى السَّماءِ الدُّنْيا، حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ فيَقولُ: مَن يَدْعُونِي فأسْتَجِيبَ له، مَن يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَن يَسْتَغْفِرُنِي فأغْفِرَ له).[٢٦]
  • الدعاء بعد أن تزول الشمس قبل الظهر، لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّها ساعةٌ تُفتحُ فيها أبوابُ السماءِ وأُحِبُّ أن يصعدَ لي فيها عملٌ صالحٌ).[٢٧]


المراجع

  1. سورة البقرة، آية:186
  2. "كلمة عن الدعاء وآدابه"، الألوكة، 5/2/2019، اطّلع عليه بتاريخ 1/4/2021. بتصرّف.
  3. رواه شعيب الأرناووط، في تخريج شرح السنة، عن أبو سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:5/187، حديث صحيح.
  4. ياسر الفهيد (2013)، "الدعاء عندما يكون من القلب"، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 1/4/2021. بتصرّف.
  5. يوسف المطردي (21/10/2017)، "أسباب إجابة الدعاء"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 2/4/2021. بتصرّف.
  6. أمير المدري، "24 وسيلة لتكون مسنجاب الدعوة"، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 2/4/2021. بتصرّف.
  7. سورة غافر، آية:14
  8. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:245، حديث حسن.
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:6340، حديث صحيح.
  10. رواه محمد جار الله الصعدي، في النوافح العطرة، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:385، حديث صحيح.
  11. رواه أحمد شاكر، في مسند أحمد، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:5/280، حديث إسناده صحيح.
  12. سورة نوح، آية:10 11 12
  13. رواه المنذري، في الترغيب والترهيب، عن حذيفة بن اليمان، الصفحة أو الرقم:3/230، حديث إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما.
  14. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن سعد بن أبي وقاص، الصفحة أو الرقم:1480، حديث حسن صحيح.
  15. رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن سلمة بن الأكوع، الصفحة أو الرقم:7028، حديث صحيح.
  16. سورة الأعراف، آية:55
  17. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:7705، حديث صحيح.
  18. سورة الأعراف، آية:180
  19. رواه الألباني، في السلسلة الصحيحة، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:1211، حديث إسناده حسن.
  20. "أماكن وأوقات إجابة الدعاء"، الإسلام سؤال وجواب، 23/7/2004، اطّلع عليه بتاريخ 2/4/2021. بتصرّف.
  21. "الأوقات التي تجاب فيها الدعوات"، الإمام ابن باز، اطّلع عليه بتاريخ 2/4/2021. بتصرّف.
  22. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:482، حديث صحيح.
  23. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:521، حديث صحيح.
  24. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:935، حديث صحيح.
  25. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبادة بن الصامت، الصفحة أو الرقم:1154، حديث صحيح.
  26. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:7494، حديث صحيح.
  27. رواه ابن العربي، في عارضة الأحوذي، عن عبدالله بن السائب، الصفحة أو الرقم:1/436، حديث صحيح.