الثناء على الله تعالى

الثناء لغةً: هو الوصف بالخير والمدح والشكر، وتعداد المحاسن والأوصاف الحميدة لمن يستحق، والثناء على الله -تعالى-، اصطلاحاً: هو تكرار الحمد والشكر والمدح بصفات الكمال والتعظيم والتمجيد لله، فهو الأحق بالمحامد كلها، وهو المنعم المتفضّل على عباده، فهو خالق كل شيء ورب العالمين، قال -تعالى-: {وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ}،[١] واللهُ -تعالى- يحب المدح والثناء من عباده عليه، جاء في الحديث: (ولَا أحَدَ أحَبُّ إلَيْهِ المِدْحَةُ مِنَ اللَّهِ فَلِذلكَ مَدَحَ نَفْسَهُ)،[٢] وقد بدأ الله -تعالى- قرآنه بسورة الفاتحة، التي بدأت بحمده والثناء عليه، وسميت بسورة الحمد، وما ذلك إلا ليعلّمهم كيفية الثناء عليه وأهميته وفضله، ومنزلته العظيمة عنده -تعالى-، جاء في الحديث القدسي: (فإذا قالَ العَبْدُ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ}، قالَ اللَّهُ تَعالَى: حَمِدَنِي عَبْدِي، وإذا قالَ: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، قالَ اللَّهُ تَعالَى: أثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي، وإذا قالَ: {مالِكِ يَومِ الدِّينِ}، قالَ: مَجَّدَنِي عَبْدِي)،[٣] فالثناء على الله -تعالى- واجب ومستحب، ومقصد من مقاصد العبادة.[٤]


كيف تثني على الله في الدعاء؟

إنَّ المقصود بالثناء على الله في الدعاء: هو الابتداء بحمد الله -تعالى- وشكره وتمجيده قبل الدعاء، بالإضافة لذكر بعض من أسمائه الحسنى وصفاته العليا، والاعتراف بالذل والفقر بين يديه -سبحانه وتعالى-، وذلك لكي تكون هذه الكلمات تقرباً وتودداً وتمهيداً للدعاء والسؤال والطلب من الله -عز وجل-، فالله يحب مِن عباده إظهار التذلل والافتقار إليه، والاعتراف بفضله ونعمه العظيمة، فإذا قام العبد الداعي بالثناء على الله -تعالى- في بداية دعائه، فإنَّ ذلك يجعل دعاءه أحرى بالقبول والإجابة بإذن الله، كما جاء في الحديث: (سمعَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ رجلًا يَدعو في صلاتِهِ لم يُمجِّدِ اللَّهَ تعالى ولم يُصلِّ علَى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ عجِلَ هذا ثمَّ دعاهُ فقالَ لَهُ أو لغيرِهِ إذا صلَّى أحدُكُم فليَبدَأ بتَمجيدِ ربِّهِ جلَّ وعزَّ والثَّناءِ علَيهِ ثمَّ يصلِّي علَى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ثمَّ يَدعو بَعدُ بما شاءَ).[٥]


فتقديم المدح والثناء على الله -تعالى- وكذك الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- أيضاً قبل الدعاء والمسألة والطلب هو أمر مهم، وهو من آداب الدعاء العظيمة، فأفضلُ حالٍ يكون عليها الداعي؛ هو أن يكون حامداً لربه، وشاكراً ومثنياً عليه -تعالى- بصفات الكمال والعظمة والجلال، ومعترفاً بفضله وكرمه وجوده وإحسانه، ومعدداً لنعمه وآلائه، فإنَّ ذلك يعد وسيلة لقبول دعائه عند الله ومفتاحاً للاستجابة والعطاء، وقد وردت الكثير من صيغ الأدعية في القرآن والسنة متضمنةً للثناء والحمد في بداية الدعاء، ولذلك فينبغي على المسلم أن يكون محافظاً على آداب الدعاء وأن يبدأ بالحمد والثناء على الله -تعالى- قبل سؤاله وطلبه.[٦]


أمثلة للثناء على الله في الدعاء

من أمثلة الثناء على الله -تعالى- في الدعاء؛ ما جاء في القرآن الكريم، ومنها:[٦]

  • دعاء أولي الألباب: {رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}.[٧]
  • دعاء يوسف -عليه السلام-: {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ۚ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ}.[٨]
  • دعاء أيوب -عليه السلام-: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}.[٩]
  • دعاء الملائكة: {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ}.[١٠]


أمثلة للثناء على الله في الدعاء في السنة النبوية

ومن أمثلة الثناء على الله -تعالى- في السنة النبوية، ما يأتي:[١١]

  • (اللَّهُمَّ لكَ الحَمْدُ أنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ، ولَكَ الحَمْدُ أنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ، ولَكَ الحَمْدُ أنْتَ رَبُّ السَّمَوَاتِ والأرْضِ ومَن فِيهِنَّ، أنْتَ الحَقُّ، ووَعْدُكَ الحَقُّ، وقَوْلُكَ الحَقُّ، ولِقَاؤُكَ الحَقُّ، والجَنَّةُ حَقٌّ، والنَّارُ حَقٌّ، والنَّبِيُّونَ حَقٌّ، والسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لكَ أسْلَمْتُ، وبِكَ آمَنْتُ، وعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وإلَيْكَ أنَبْتُ، وبِكَ خَاصَمْتُ، وإلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لي ما قَدَّمْتُ وما أخَّرْتُ، وما أسْرَرْتُ وما أعْلَنْتُ، أنْتَ إلَهِي لا إلَهَ إلَّا أنْتَ).[١٢]
  • (اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَوَاتِ وَرَبَّ الأرْضِ وَرَبَّ العَرْشِ العَظِيمِ، رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شيءٍ، فَالِقَ الحَبِّ وَالنَّوَى، وَمُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَانِ، أَعُوذُ بكَ مِن شَرِّ كُلِّ شيءٍ أَنْتَ آخِذٌ بنَاصِيَتِهِ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الأوَّلُ فليسَ قَبْلَكَ شيءٌ، وَأَنْتَ الآخِرُ فليسَ بَعْدَكَ شيءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فليسَ فَوْقَكَ شيءٌ، وَأَنْتَ البَاطِنُ فليسَ دُونَكَ شيءٌ، اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ، وَأَغْنِنَا مِنَ الفَقْرِ).[١٣]
  • (رَبَّنَا لكَ الحَمْدُ مِلْءُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ، ومِلْءُ ما شِئْتَ مِن شيءٍ بَعْدُ، أهْلَ الثَّنَاءِ والْمَجْدِ، أحَقُّ ما قالَ العَبْدُ، وكُلُّنَا لكَ عَبْدٌ: اللَّهُمَّ لا مَانِعَ لِما أعْطَيْتَ، ولَا مُعْطِيَ لِما مَنَعْتَ، ولَا يَنْفَعُ ذَا الجَدِّ مِنْكَ الجَدُّ).[١٤]
  • (اللهمَّ إنا نعوذُ برضاك من سخطِك وبعفوِك من عقوبتِك، وبِك مِنك، لا نُحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنَيت على نفسِك).[١٥]


المراجع

  1. سورة الروم، آية:18
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمرو بن مرة الجهني، الصفحة أو الرقم:4637، حديث صحيح.
  3. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:395، حديث صحيح.
  4. كريم بن أحمد (29/7/2020)، "الثناء على الله جل جلاله"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 16/4/2021. بتصرّف.
  5. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن فضالة بن عبيد، الصفحة أو الرقم:1481، حديث صحيح.
  6. ^ أ ب رقم السؤال138812 (22/9/2009)، "كيف يكون تمجيد الله والثناء عليه قبل الدعاء"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 16/4/2021. بتصرّف.
  7. سورة آل عمران، آية:191
  8. سورة يوسف، آية:101
  9. سورة الأنبياء، آية:83
  10. سورة غافر، آية:7
  11. رقم الفتوى: 25586 (4/12/2002)، "من صيغ الثناء على الله تعالى قبل الدعاء"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 16/4/2021. بتصرّف.
  12. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم:7499، حديث صحيح.
  13. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2713، حديث صحيح.
  14. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:477، حديث صحيح.
  15. رواه الألباني، في إرواء الغليل، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم:430، حديث صحيح.