استجابة الدعاء

إنّ مما يقوي الدعاء ويجعله قريبًا للإجابة؛ أن يخلص المسلم في دعائه بأن يدعو الله وحده لا شريك له، وأن لا يكون في دعائه منكرات خاصّة الدعاء بالإثم أو الدعاء بقطيعة الرحم، وأن يدعو المسلم بقلبٍ حاضر غير غافلٍ ولاهٍ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: (ادعوا اللَّهَ وأنتُم موقِنونَ بالإجابَةِ، واعلَموا أنَّ اللَّهَ لا يستجيبُ دعاءً من قلبٍ غافلٍ لاهٍ).[١][٢]


أسباب استجابة الدعاء

للدعاء أسباب لإجابته ومن هذه الأسباب التي تقوي إجابة الدعاء ما يأتي:[٣]

  • أن يغتنم العبد الأوقات الفاضلة التي أخبر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أنّها مظان إجابة الدعاء، مثل؛ عرفة من السنة، ورمضان من الأشهر، ويوم الجمعة من الأسبوع، وثلث الليل الآخر.
  • استقبال القبلة؛ فاستقبال القبلة يُستحب عند الدعاء، فعن عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، (لَمَّا كانَ يَوْمُ بَدْرٍ نَظَرَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ إلى المُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْفٌ، وَأَصْحَابُهُ ثَلَاثُ مِئَةٍ وَتِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا، فَاسْتَقْبَلَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ القِبْلَةَ، ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ، فَجَعَلَ يَهْتِفُ برَبِّهِ: اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لي ما وَعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ آتِ ما وَعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ إنْ تُهْلِكْ هذِه العِصَابَةَ مِن أَهْلِ الإسْلَامِ لا تُعْبَدْ في الأرْضِ، فَما زَالَ يَهْتِفُ برَبِّهِ، مَادًّا يَدَيْهِ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ، حتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عن مَنْكِبَيْهِ)،[٤]فالشاهد من الحديث قول عمر - رضي الله عنه -: "فاستقبل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقِبْلَةَ".
  • رفع اليدين عند الدعاء، وأن يقدّم بين يديه صدقًة: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( أَيُّها النَّاسُ، إنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إلَّا طَيِّبًا، وإنَّ اللَّهَ أمَرَ المُؤْمِنِينَ بما أمَرَ به المُرْسَلِينَ، فقالَ: {يا أيُّها الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ واعْمَلُوا صالِحًا، إنِّي بما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ}[المؤمنون:51] وقالَ: {يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ}[البقرة:172]، ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أشْعَثَ أغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إلى السَّماءِ، يا رَبِّ، يا رَبِّ، ومَطْعَمُهُ حَرامٌ، ومَشْرَبُهُ حَرامٌ، ومَلْبَسُهُ حَرامٌ، وغُذِيَ بالحَرامِ، فأنَّى يُسْتَجابُ لذلكَ؟).[٥]
  • عدم الدعاء بإثم أو قطيعة رحم: ففي الحديث يقول النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: (لَا يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ، ما لَمْ يَدْعُ بإثْمٍ، أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ، ما لَمْ يَسْتَعْجِلْ قيلَ: يا رَسُولَ اللهِ، ما الاسْتِعْجَالُ؟ قالَ: يقولُ: قدْ دَعَوْتُ وَقَدْ دَعَوْتُ، فَلَمْ أَرَ يَسْتَجِيبُ لِي، فَيَسْتَحْسِرُ عِنْدَ ذلكَ وَيَدَعُ الدُّعَاءَ)،[٦] والمراد: (فيستحسر) أنّه ينقطع عن الدعاء.
  • الإكثار من الدعاء بالرّخاء، ففي الحديث يقول النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: (مَن سرَّه أن يستَجيبَ اللهُ له عند الشَّدائدِ والكَربِ فليُكثرِ الدُّعاءَ في الرَّخاءِ)،[٧] وقَالَ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ: "اذْكُرُوا اللَّهَ فِي الرَّخَاءِ، يَذْكُرْكُمْ فِي الشِّدَّةِ، إِنَّ يُونُسَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- كَانَ يَذْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى، فَلَمَّا وَقَعَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}،[٨] وَإِنَّ فِرْعَوْنَ كَانَ طَاغِيًا نَاسِيًا لِذِكْرِ اللَّهِ، فَلَمَّا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ، قَالَ: آمَنْتُ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {ءَآلاَنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ}.[٩]
  • عدم أكل الحرام ورد المظالم إلى أهلها، ففي الحديث السابق يقول النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: (أَيُّها النَّاسُ، إنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إلَّا طَيِّبًا، وإنَّ اللَّهَ أمَرَ المُؤْمِنِينَ بما أمَرَ به المُرْسَلِينَ، فقالَ: {يا أيُّها الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ واعْمَلُوا صالِحًا، إنِّي بما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ}[المؤمنون:51] وقالَ: {يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ}[البقرة:172]، ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أشْعَثَ أغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إلى السَّماءِ، يا رَبِّ، يا رَبِّ، ومَطْعَمُهُ حَرامٌ، ومَشْرَبُهُ حَرامٌ، ومَلْبَسُهُ حَرامٌ، وغُذِيَ بالحَرامِ، فأنَّى يُسْتَجابُ لذلكَ؟).[٥]
  • عدم الاعتداء بالدعاء، قال تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}،[١٠] قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "قوله تعالى {إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}،[١٠] قيل المراد أنه لا يحب المعتدين في الدعاء؛ كالذي يسأل ما لا يليق به من منازل الأنبياء وغير ذلك، وقد روى أبو داود في سننه عن عبد الله بن مغفل أنه سمع ابنه يقول: "اللهم إني أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتها فقال: يا بني؛ سل الله الجنة وتعوذ به من النار، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الطهور والدعاء". 
  • ترك الذنوب والمعاصي.
  • اليقين والجزم بالدعاء وحسن الظنّ بالله.
  • الإلحاح بالدعاء.
  • الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.


موانع استجابة الدعاء

كما أنّ للدعاء أسبابًا لإجابته، فإنّ له كذلك موانع تمنع إجابته، فنذكرها لكي يجتنبها المسلم في دعائه:[١١]

  • عدم الإخلاص في الدعاء.
  • الاستعجال في إجابة الدعاء.
  • الدعاء بالإثم أو بقطيعة الرحم.
  • الغفلة واللهو في الدعاء فلا يستحضر المسلم ما دعا.
  • ارتكاب المعاصي والذنوب.
  • أكل الحرام والكسب الحرام واللّبس من الحرام.


المراجع

  1. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:3479، حسن.
  2. "شروط إجابة الدعاء رقم الفتوى"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 5/4/2021. بتصرّف.
  3. "أسباب إجابة الدعاء "، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 4/4/2021. بتصرّف.
  4. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عباس وعمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم:1763، صحيح.
  5. ^ أ ب رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1015، حديث صحيح.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:2735، صحيح.
  7. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:3382، حديث غريب.
  8. سورة الصافات، آية:143 144
  9. سورة يونس، آية:91
  10. ^ أ ب سورة الأعراف، آية:55
  11. "موانع إجابة الدعاء"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 4/4/2021. بتصرّف.