الدعاء سلاح المؤمن

الدعاء

يعد الدعاء وسيلة من وسائل الفلاح والنجاح التي يتقرّب بها العبد من ربه، كما يعدُّ الدعاء سلاحًا للمؤمن لا يساويه سلاح، ولا شكّ أنَّ هناك مجموعة من الأسرار التي تساعد العبد على استجابة دعائه؛ ومن أهمها أن يتعرّف العبد على آداب الدعاء حتى يتحقق له فضله ويستجيب الله له دعائه، ويعرف ثمار الدعاء وفوائده،^[١] وفي الآتي بيان لجملة من آداب الدعاء، وبيان ثمار الدعاء وفوائده:

الدعاء سلاح المؤمن

الدعاء من أقوى أسباب القوة التي يعطيها الله تعالى لمن يشاء من عباده، فلا شيء أقوى لرفع البلاء مثل الدعاء خاصة إذا كان الدعاء بيقين وحضور قلب وخشوع وحسن ظنٍ بالله تعالى، قال الإمام ابن القيّم -رحمه الله-: "والدعاء من أنفع الأدوية، وهو عدو البلاء، يدافعه ويعالجه، ويمنع نزوله، ويرفعه، أو يخففه إذا نزل، وهو سلاح المؤمن... وَلَهُ مَعَ الْبَلَاءِ ثَلَاثُ مَقَامَاتٍ:

• أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ أَقْوَى مِنَ الْبَلَاءِ فَيَدْفَعُهُ.
• الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ أَضْعَفَ مِنَ الْبَلَاءِ فَيَقْوَى عَلَيْهِ الْبَلَاءُ، فَيُصَابُ بِهِ الْعَبْدُ، وَلَكِنْ قَدْ يُخَفِّفُهُ، وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا.
• الثَّالِثُ: أَنْ يَتَقَاوَمَا وَيَمْنَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ"

ويبيّن معنى هذا الحديث؛ حديث عائشة أمّ المؤمنين -رضي الله عنها-، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (لا يُغني حذرٌ من قدرٍ والدُّعاءُ ينفعُ ممَّا نزل وما لم ينزِلْ وإنَّ البلاءَ لينزِلُ فيلقاه الدُّعاءُ فيعتلِجان إلى يومِ القيامةِ)،^[٢] وقال -عليه الصلاة والسلام-: (إنَّ الدُّعاءَ ينفعُ ممَّا نزلَ وممَّا لم ينزلْ فعليكم عبادَ اللَّهِ بالدُّعاءِ).^[٣][٤]

آداب الدعاء

من أهمّ الآداب التي يُستحبُّ للمسلم أن يُراعيها في دعائه حتى يكون دعاءً مقبولًا مستجابًا ما يأتي: ^[٥]

• تحقيق التوحيد في نفس الداعي بأن يكون الداعي موحداً لله تعالى في ألوهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته، وأن يمتلئ قلبه بالتوحيد، وقد جعل الله تعالى شرط إجابة الدعاء تحقيق التوحيد الخالص من الشرك وشوائبه، قال الله تعالى: {ذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}.^[٦]
• إخلاص النيّة لله تعالى في الدعاء، قال الله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ}،^[٧] وفي الحديث يقول النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: (الدُّعاءُ هو العبادةِ).^[٨]
• أن يتوسّل إلى الله تعالى بأسمائه الحسنى، قال الله -سبحانه وتعالى-: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}.^[٩]
• الثناء على الله تعالى قبل الدعاء بما هو أهله، والصلاة على النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قبل الدعاء، ففي الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (بَينا رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ قاعدٌ إذ دخلَ رجلٌ فصلَّى فقالَ: اللَّهمَّ اغفِر لي وارحَمني، فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: عَجِلتَ أيُّها المصلِّي، إذا صلَّيتَ فقعَدتَ فاحْمَدِ اللَّهَ بما هوَ أَهْلُهُ، وصلِّ عليَّ ثمَّ ادعُهُ، قالَ: ثمَّ صلَّى رجلٌ آخرُ بعدَ ذلِكَ فحمِدَ اللَّهَ وصلَّى على النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: أيُّها المصلِّي ادعُ تُجَبْ)،^[١٠] وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (كلُّ دعاءٍ محجوبٌ حتى يُصَلَّي علَى النَّبِيِّ).^[١١]
• التضرع والخشوع والرغبة والرهبة لله -سبحانه وتعالى-.
• الدعاء ثلاثاً.
• اليقين بالله تعالى بالإجابة.
• الإلحاح في الدعاء، وعدم استعجال الاستجابة.
• الجزم في الدعاء.
• إخفاء الدعاء وعدم الجهر به.
• استقبال القبلة.
• رفع اليدين -في المواطن الجائزة-.

فوائد الدعاء وثماره

الفوائد والثِمار التي يجنيها المسلم من الدعاء عظيمة وكثيرٌة جدًّا ومنها ما يأتي: ^[١٢]

• أنّ الدعاء طاعة وامتثال لله تعالى.
• أنّ الدعاء محبوب لله تعالى.
• أنّ الدعاء سبب لانشراح الصدر.
• أنّ ثمرة الدعاء مضمونة بإذن الله، إمّا في استجابته في الدنيا، أو في ادّخار الأجر في الآخرة، أو بأن يصرف الله تعالى عن العبد من السوء بقدر دعاءه.
• أنّ الدعاء من صفات عباد الله المتقين الذين قال الله فيهم: {إنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ}.^[١٣]