الدعاء

يعد الدعاء من العبادات المهمة في حياة المسلم، فلا تخلو حياة عبد من الابتلاءات والمصائب، لذلك جعل الله تعالى الدعاء حلقة وصل بين العبد وربه ليناجيه ويطلب منه -عّز وجلّ- مبتغاه، حيث قال الله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}،[١] لذلك ينبغي على المسلم أن يحرص على الدعاء منذ لحظة استيقاظه إلى لحظة خلوده إلى النوم، فليس أكرم على الله شيءٌ من الدعاء؛ فقد قال عليه الصلاة والسلام: (ليس شيءٌ أكرمَ على اللهِ تعالى من الدعاءِ)،[٢] وفي هذا المقال بيان أهمية الدعاء في دفع البلاء.[٣]


ما هو البلاء؟

تعد كلمة البلاء من الأمور التي تجلب الشؤم والألم عند الناس، فهي غالباً مرتبطة بالشر الذي يلحق بالعبد، سواءً في نفسه أو ماله أو من يحب من الناس، إلا أنّها تحمل في معناها اللغوي شيئًا آخر غير الذي تعارف عليه، فمعنى البلاء في اللغة: الاختبار والامتحان، حيث يكون ذلك بالخير أو الشرّ، كما في قول الله تعالى: {وَنَبلوكُم بِالشَّرِّ وَالخَيرِ فِتنَةً وَإِلَينا تُرجَعونَ}،[٤] وهو امتحان حقيقي للعبد يالشدة والرخاء، والحلال والحرام، وقد جعل الله تعالى البلاء في حياة المسلم حتى يميز الخبيث من الطيب، فيجلّي البلاء العبودية الحقيقة للخالق جلّ في علاه.[٥]


الدعاء يدفع البلاء

يُعدّ الإيمان بالقضاء والقدر واجباً شرعاً، حيث قال الله -تعالى- في محكم كتابه: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ}،[٦] حيث إنّ الإيمان بالقضاء والقدر الركن السادس من أركان الإيمان، ومن الأمور المقدّرة شرعاً من الله تعالى الدعاء، فعلى المسلم أن يدعو قبل نزول البلاء وبعده فلا يستهين في ذلك، حيث إنّ الدعاء يرد القدر والبلاء، فقد قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (لا يرُدُّ القدرَ إلا الدعاءُ)،[٧] ومن الجدير بالذكر أنّ الدعاء مقدّر من عند الله تعالى أيضاً فهو جزء من القدر، فلو دعا المسلم بردّ البلاء والشر عنه فهذا يعني أنَّ الذي سيتغير هو في الأصل مكتوبٌ في الصحف التي بين أيدي الملائكة، فما أن يوشك أن يقع البلاء على العبد فيدعو الله تعالى فيُردّ عنه باستجابة الله -عزّ وجلّ له، فعن عائشة -رضي الله عنها- أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (والدُّعاءُ ينفعُ ممَّا نزل وما لم ينزِلْ وإنَّ البلاءَ لينزِلُ فيلقاه الدُّعاءُ فيعتلِجان إلى يومِ القيامةِ)،[٨] فعلى المسلم أن يأخذ بجميع الأسباب ويسعى لها، فالدعاء جزء لا يتجزأ منها.[٩]


استجابة الدعاء

هناك عدّة أسبابٍ لاستجابة الدعاء، فيما يأتي ذكر بعضها:[١٠]

  • الإخلاص في الدعاء لله تعالى وحده: حيث قال تعالى: {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}.[١١]
  • الصدق مع الله تعالى في التوجه إليه بالدعاء: فعن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (مَن سَأَلَ اللَّهَ الشَّهادَةَ بصِدْقٍ، بَلَّغَهُ اللَّهُ مَنازِلَ الشُّهَداءِ، وإنْ ماتَ علَى فِراشِهِ).[١٢]
  • حسن الظنّ بالله تعالى وعدم الإساءة به: فقد قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (يقولُ اللَّهُ تَعالَى: أنا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بي).[١٣]
  • تحقيق العبد للإيمان المطلق بالله ورسوله: فقد قال الله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}.[١٤]
  • تحرّي الحلال في المأكل والمشرب والملبس.


المراجع

  1. سورة البقرة، آية:186
  2. رواه السيوطي ، في الجامع الصغير، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:7584 ، حديث صحيح.
  3. د. حسام الدين السامرائي (24/1/2016)، "لا يرد القضاء إلا الدعاء"، الألوكة الشرعية، اطّلع عليه بتاريخ 9/4/2021.
  4. سورة سورة الأنبياء، آية:35
  5. د. الشبراوي محمد عبدالهادي الجهوري (14/7/2014)، "البلاء وما للإنسان فيه من منظور إسلامي"، الألوكة الشرعية، اطّلع عليه بتاريخ 9/4/2021.
  6. سورة سورة القمر، آية:49
  7. رواه الألباني ، في صحيح ابن ماجه، عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، الصفحة أو الرقم:73، حسن.
  8. رواه المنذري ، في الترغيب والترهيب، عن عائشة أم المؤمنين ، الصفحة أو الرقم:391، حديث إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما.
  9. "قدر البلاء يدفعه قدر الدعاء"، اسلام ويب، 30-6-2002، اطّلع عليه بتاريخ 9/4/2021.
  10. "من أسباب استجابة الدعاء (1)"، طريق الإسلام، 1/1/2014، اطّلع عليه بتاريخ 9/4/2021.
  11. سورة سورة غافر، آية:14
  12. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن سهل بن حنيف، الصفحة أو الرقم:1909، حديث صحيح.
  13. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:7405 ، حديث صحيح.
  14. سورة سورة البقرة، آية:186