تقديم عمل صالح قبل الدعاء

يُستحبّ للداعي أن يتوسّل إلى الله تعالى قبل دعائه بتقديم عملٍ صالحٍ؛ فهو أرجى للقبول، وأقرب لرحمة الله ومحبته وإجابة دعائه، لذا فإنَّ من آداب الدعاء أن يبدأ المسلم بحمد الله تعالى والثناء عليه والصلاة والسلام على -رسوله -صلّى الله عليه وآله وسلّم- وأن يقدّم بين يدي دعائه عملًا صالحًا، هذا كلّه مما يدلّ على استحباب تقديم عملٍ صالحٍ قبل الدعاء، وقول الله -سبحانه وتعالى-: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}،[١] فقد جاء عند السيوطي -رحمه الله تعالى- في كتابه الدرر المنثور: "وأخرج ابن المبارك، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن الحسن - رضي الله عنه- في قوله: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}،[١] قال: العمل الصالح يرفع الكلام الطيب إلى الله، ويعرض القول على العمل؛ فإن وافقه رفع، وإلا ردّ، وأخرج ابن المبارك، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}،[١] قال: العمل الصالح يرفع الكلام الطيب".[٢]


الصدقة قبل الدعاء

تُشرع الصدقة في كلّ وقتٍ، ففي الحديث عن رسول الله -صلّى الله عليه وآله وسلّم-: (ما مِن يَومٍ يُصْبِحُ العِبادُ فيه إلَّا مَلَكانِ يَنْزِلانِ، فيَقولُ أحَدُهُما: اللَّهُمَّ، أعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، ويقولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ، أعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا)،[٣] وهي قبل الدعاء تُستحبُّ، خصوصًا لرفع البلاء أو لدفع المرض، ففي الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلّم-: (داوُوا مرضاكُم بالصدقةِ، وحصِّنوا أموالَكُم بالزكاةِ؛ تُدفعُ عنكمُ الأعراضُ والأمراضُ)،[٤] وقد نصّ أهل العلم على استحباب تقديم عمٍل صالٍح قبل الدعاء ومن جملته الصدقة، فهي برهان على إيمان العبد كما في الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (والصَّدَقَةُ بُرْهانٌ).[٥][٦]


فضل الصدقة

الصدقة طاهرة للنّفس من عيوبها وهي زكاةٌ ونماءٌ لمال المتصدّق، وهي برهانٌ لصحة إيمانه ويقينه، قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلّم-: (والصَّدَقَةُ بُرْهانٌ)،[٥] ولهذا جاءت النصوص الكثيرة من الكتاب والسنة في فضل التصدّق ابتغاء وجه الله وثوابه، وقد جعل الرسول -صلى الله عليه وسلم- الصدقة بالمال من أنواع الجهاد المتعددة، بل إنَّ الجهاد بالمال جاء مقدّمًا على الجهاد بالنّفس في جميع النّصوص الشرعيّة إلا في موضع واحد، وفي الحديث يقول -عليه الصلاة والسلام-: (جَاهِدُوْا المشركينَ بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم)،[٧] ومن فضائل الصدقة أنّها ترفع صاحبها إلى أعلى المنازل، والصدقة أيضًا تدفع عن صاحبها البلايا والنوائب والمصائب في الدنيا، وفي الآخرة تطفئ الذنوب وتكفّر الخطايا، قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلّم-: (والصدقةُ تُطفئُ الخطيئةَ كما يُطفئُ الماءُ النارَ)،[٨] وقال الله تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}.[٩][١٠]


المراجع

  1. ^ أ ب ت سورة فاطر، آية:10
  2. "استحباب تقديم عمل صالح بين يدي الدعاء"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 18/4/2021.
  3. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1010، حديث صحيح.
  4. رواه السفاريني الحنبلي ، في شرح كتاب الشهاب، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:342، حديث إسناده ضعيف.
  5. ^ أ ب رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي مالك الأشعري ، الصفحة أو الرقم:223، حديث صحيح.
  6. "التصدق قبل الدعاء"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 18/4/2021. بتصرّف.
  7. رواه ابن حزم، في أصول الأحكام، عن أنس بمن مالك، الصفحة أو الرقم:27، حديث في غاية الصحة.
  8. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن معاذ بن جبل ، الصفحة أو الرقم:22133، حديث صحيح بطرقه وشواهده.
  9. سورة البقرة، آية:274
  10. "فضائل الصدقة"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 18/4/2021. بتصرّف.