القضاء والقدر
الإيمان واليقين بالقضاء والقدر أصلٌ من أصول الإيمان، وركنٌ من أركانه، قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام- لما سأله جبريل -عليه السلام- عن الإيمان: "أنْ تُؤْمِنَ باللَّهِ، ومَلائِكَتِهِ، وكِتابِهِ، ولِقائِهِ، ورُسُلِهِ، وتُؤْمِنَ بالبَعْثِ، وتُؤْمِنَ بالقَدَرِ كُلِّهِ"،[١] والمُراد بالقدر أنّ الله -سبحانه- يعلم مقادير الأشياء وزمان وقوعها قبل إيجادها، وممّا تجدر الإشارة إليه أنّ الإيمان بالقضاء والقدر واجبٌ على كلّ مسلمٍ، دلّت على ذلك عدّة أدلةٍ، منها: "إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ"،[٢]"وَكَانَ أَمْرُ اللَّـهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا".[٣][٤]
وتجدر الإشارة إلى أنّ الإيمان بالقضاء والقدر يكون على درجتَين؛ بيانهما فيما يأتي:[٣]
- الدرجة الأولى: الإيمان الواجب بالقضاء والقدر؛ بأن يؤمن العبد بأنّ كلّ ما يحدث في الكون يقع بتقديرٍ من الله -سبحانه-، وأنّه يعلم كلّ شيءٍ.
- الدرجة الثانية: الإيمان المستحب بالقضاء والقدر؛ وهو الإيمان بالقضاء والقدر بمراتبه الأربعة، وهي:
- المرتبة الأولى: العلم؛ أي أنّ علم الله -تعالى- محيطٌ بكلّ شيءٍ في الكون،
- المرتبة الثانية: الكتابة؛ اي أنّ الله -تعالى- كتب كلّ شيءٍ في اللوح المحفوظ قبل خَلْق المخلوقات.
- المرتبة الثالثة: المشية؛ أي أنّ ما يشأ الله يكن ويقع، وما لم يشأ لم يكن ولم يقع، أي أن ما يقع متعلّقٌ بمشيئة وإرادة الله.
- المرتبة الرابعة: الخَلق؛ أي أنّ الله -تعالى- خالق كلّ شيءٍ.
هل الدعاء يغيّر الأقدار؟
قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: "لَا يَرُدُّ القَضَاءَ إِلَّا الدُّعَاءُ، وَلَا يَزِيدُ فِي العُمْرِ إِلَّا البِرُّ"،[٥] فالمُراد من الحديث السابق تغيير الدعاء لِما كُتب في صُحف الملائكة؛ فالتغيير فيها ممكنٌ دون حرجٍ، أمّا التغيير لِما كُتب في اللوح المحفوظ، أو لعلم الله فغير ممكنٍ بحالٍ، فما في اللوح المحفوظ وما في علم الله لا تغيير عليه أبداً، استدلالاً بما قاله النبيّ -عليه الصلاة والسلام- لعبدالله بن عباس -رضي الله عنهما-: "يا غلامُ، إني أعلِّمُك كلماتٍ: احفَظِ اللهَ يحفَظْك، احفَظِ اللهَ تجِدْه تُجاهَك، إذا سألتَ فاسألِ اللهَ، وإذا استعنْتَ فاستعِنْ باللهِ، واعلمْ أنَّ الأمةَ لو اجتمعتْ على أن ينفعوك بشيءٍ، لم ينفعوك إلا بشيءٍ قد كتبه اللهُ لك، وإنِ اجتمعوا على أن يضُرُّوك بشيءٍ لم يضُروك إلا بشيءٍ قد كتبه اللهُ عليك، رُفِعَتِ الأقلامُ وجَفَّتِ الصُّحُفَ".[٦][٧]
وبناءً على ما سبق يجدر بالذكر أنّ الله -تعالى- قدّر على أحدٍ أن يعيش سعيداً أو شقيّاً فلا يُمكن تغيير ذلك، لإنّه من علم الله، ولو كان تغييره ممكناً لكان قدحاً وشكّاً في علم الله -عزّ وجلّ-، وإرادته، وعظمته، والله منزهٌ عن ذلك، فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، أمّا لو كُتب في صُحف الملائكة أن أحداً سيُصاب بمرضٍ ما، فيدعو ويسأل الله المعافاة والصحة فيُعافى ولا يمرض؛ لأنّه كُتب في صحف الملائكة التي يُمكن تغيير ما فيها.[٧]
المراجع
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:10، صحيح.
- ↑ سورة القمر، آية:49
- ^ أ ب د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني (28/10/2019)، "الإيمان بالقضاء والقدر: أدلته وكيفيته ومراتبه"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 20/1/2021. بتصرّف.
- ↑ سورة الأحزاب، آية:38
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن سلمان الفارسي، الصفحة أو الرقم:2139، حسن.
- ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم:2516، صحيح.
- ^ أ ب محمد صالح المنجد (28/3/2017)، "هل يمكن تغيير القدر وكيف نكون مخيرين بينما القدر يحكمنا؟"، إسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 20/1/2021. بتصرّف.