حكم رفع اليدين بالدعاء
الأصل في الدعاء إظهار المسكنة والفقر والتضرّع والتذلّلّ بين يدي الله -سبحانه وتعالى- وهذه المتطلبات تظهر جليًّة في رفع اليدين في الدعاء، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ اللهَ حَيِيٌّ كريمٌ يستحيي إذا رفع الرجلُ إليه يدَيه أن يردَّهما صِفرًا خائبتَينِ)،[١] فعُلم من هذا الحديث أنّ رفع اليدين في الدعاء من أسباب استجابة الدعاء، والأصل مشروعية واستحاب رفع اليدين في الدعاء في جميع المواطن والأحوال، إلا في المواطن التي دعا فيها النبيّ -صلى الله عليه وسلم- ولم يؤثر عنه أنّه رفع يديه فيه،[٢] وفي الآتي ذكر أهمّ المواطن والأحوال التي يُرفع فيها اليدين في الدعاء وبيان حكمها، وبيان الحكمة والأسرار من رفع اليدين في الدعاء.
أحوال رفع اليدين في الدعاء
الأصل في الدعاء كما سبق هو رفع اليدين به، إلا في المواطن التي دعا فيها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ولم يؤثر عنه أنّه رفع يديه في الدعاء، وفي الآتي ذكر لبعض الأحوال الثابتة عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- في رفع اليدين في الدعاء:[٣]
أحوال لا يُكره فيها رفع اليدين في الدعاء
- بين الخطبة الأولى والثانية في صلاة الجمعة: وهو جائز بقول طائفة من أهل العلم بشرط ألا يُتخذ ديمةً وعادًة، وقال بعضهم: لا يشرع رفع اليدين في الدعاء بين الخطبتين يوم الجمعة؛ لأنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لم يفعله ولا خلفاؤه الراشدون -رضي الله عنهم- من بعده.
- عند دعاء الاستسقاء: لفعله -صلى الله عليه وسلم- ذلك، فقد أخرج الإمام مسلمٍ في صحيحه عن عمارة بن رويبة: (رَأَى بشْرَ بنَ مَرْوَانَ علَى المِنْبَرِ رَافِعًا يَدَيْهِ، فَقالَ: قَبَّحَ اللَّهُ هَاتَيْنِ اليَدَيْنِ، لقَدْ رَأَيْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ ما يَزِيدُ علَى أَنْ يَقُولَ بيَدِهِ هَكَذَا، وَأَشَارَ بإصْبَعِهِ المُسَبِّحَةِ. رواية: رَأَيْتُ بشْرَ بنَ مَرْوَانَ، يَومَ جُمُعَةٍ يَرْفَعُ يَدَيْهِ، فَقالَ: عُمَارَةُ بنُ رُؤَيْبَةَ فَذَكَرَ نَحْوَهُ).[٤]
- بين الأذان والإقامة: لا يكره رفع اليدين في الدعاء بين الأذان والإقامة؛ لأنّ الدعاء في هذا الموطن يجري على القاعدة السابقة: -يُشرع رفع اليدين في الدعاء عمومًا إلا في المواطن التي لم يؤثر عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنّه لم يرفع يديه فيها- وبين الأذان والإقامة يُستحب رفع اليدين في الدعاء؛ لأنّه من المواطن التي يُرجى فيها استجابة الدعاء.
- عند انتهاء الشيخ من المحاضرة أو في درس دينيّ: فقد ثبت الدعاء في هذا الموطن، فعن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنّه قال: (قَلَّمَا كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم يقومُ من مَجْلِسٍ حتى يدعوَ بهؤلاءِ الكَلِماتِ لأصحابِه اللهم اقْسِمْ لنا من خشيتِكَ ما يَحُولُ بيننا وبين مَعاصِيكَ ومن طاعتِكَ ما تُبَلِّغُنا به جنتَكَ ومن اليقينِ ما تُهَوِّنُ به علينا مُصِيباتِ الدنيا ومَتِّعْنا بأسماعِنا وأبصارِنا وقوتِنا ما أَحْيَيْتَنا واجعلْه الوارثَ منا واجعلْ ثأرَنا على من ظلمنا وانصُرْنا على من عادانا ولا تجعلْ مُصِيبَتَنا في دينِنا ولا تجعلِ الدنيا أكبرَ همِّنا ولا مَبْلَغَ علمِنا ولا تُسَلِّطْ علينا من لا يَرْحَمُنا)،[٥] وإذا ثبت الدعاء في هذا الموطن فلا حرج من رفع اليدين للعموم في ذلك.
- عند نزول المطر.
أحوال لم يثبت فيها رفع اليدين في الدعاء
- عند الانتهاء من الصلاة والتسبيح: رفع اليدين في الدعاء في هذا الموطن فيه خلاف بين أهل العلم، والأقرب هو كراهية رفع اليدين في الدعاء بعد الانتهاء من الصلاة، لعدم فعل النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لذلك.
- عند دعاء الإمام في نهاية الخطبة الثانية من صلاة الجمعة: لا يشرع رفع اليدين عند دعاء الإمام في نهاية الخطبة الثانية؛ لأنّه ثبت أنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- دعا في هذا الموطن ولم يؤثر عنه أنّه رفع يديه في الدعاء، ولم يرفع خلفاؤه الراشدون -رضي الله عنهم- إلا في الاستسقاء.
- عند الدعاء في السجود.
- عند الدعاء بين السجدتين.
- عند الدعاء بعد التشهد الأخير.
الحكمة من رفع اليدين في الدعاء
الحكم من رفع اليدين في الدعاء كثيرة، واجتهد العلماء في استخراجها واستنباطها فمنها؛ أنّ رفع اليدين في الدعاء إلى السماء فيه تضرّع، وأنّ السماء قبلة الدعاء، ومهبط نزول الرزق والوحي، وموضع البركة والرحمة، وغيرها.[٦]
المراجع
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن سلمان الفارسي، الصفحة أو الرقم:3556، حديث صحيح.
- ↑ "رفع اليدين في الدعاء سنة مستحبة"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 9/4/2021. بتصرّف.
- ↑ "أحوال رفع اليدين في الدعاء"، إسلام ويب، 23/12/2009، اطّلع عليه بتاريخ 12/4/2021. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عمارة بن رويبة ، الصفحة أو الرقم:874، حديث صحيح.
- ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:3502، حسن غريب.
- ↑ "أسرار وحكمة رفع اليدين في الدعاء"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 9/4/2021. بتصرّف.