الإلحاح في الدعاء يعني المداومة عليه والإكثار منه، وتكراره مرّاتٍ عديدةٍ، وعدم اليأس أو القنوط من استجابة الله له، بل اليقين بالاستجابة مع الإخلاص لله حين الدعاء، وإظهار الرغبة في نيل ما عند الله.[١]


الدعاء

الدعاء في اللغة يُراد به عدّة معانٍ؛ منها: الطلب، والسؤال، والعبادة، والاستغاثة، والاستعانة، والنداء، والثناء، أمّا في الاصطلاح الشرعيّ فهو: إظهار الفقر والحاجة لله -سبحانه-، مع تبرؤ العبد من قوته واللجوء إلى قوّة وقدرة ربّه -عزّ وجلّ-، مع الحرص على التذلّل والخضوع لله -تعالى-، والرغبة بما عنده.[١]


الإلحاح في الدعاء

الإلحاح في اللغة يُراد به: المواظبة والمداومة على أمرٍ ما، ولزومه، والإقبال عليه، والرغبة به، أمّا الإلحاح في الدعاء فيُراد به: تكرار الدعاء والطلب والسؤال إلى حين تحقّق ونيل المطلوب، ومن السنّة أن يُكرّر الدعاء ثلاث مرّاتٍ اقتداءً بالنبيّ -عليه الصلاة والسلام-، إذ أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: "كانَ إذَا دَعَا دَعَا ثَلَاثًا، وإذَا سَأَلَ سَأَلَ ثَلَاثًا"،[٢] وإن كان تكرار الدعاء أكثر من ثلاث مرّاتٍ فلا حرج.[٣]


حكم الإلحاح في الدعاء

الإلحاح في الدعاء وتكراره أكثر من مرةٍ سببٌ من أسباب استجابة الله له،[٤] وممّا يحبّه الله ويرضاه، ولا اعتراض فيه على أمر الله وقضائه وقدره، بل يعدّ من قضاء الله وقدره، ومن علامات الإيمان والعبوديّة لله -تعالى-، وقال ابن القيّم -رحمه الله- في ذلك: "ومن أنفع الأدوية: الإلحاح في الدعاء"،[٥] بالإضافة إلى أنّ الإلحاح في الدعاء يدلّ على صدق الرغبة في نَيْل ما عند الله، والإخلاص في السؤال والطلب،[٦]


فضل وثمرات الإلحاح في الدعاء

الإلحاح في الدعاء تترتّب بسببه العديد من الفضائل والثمرات، يُذكر أنّ الإلحاح في الدعاء:[٧]

  • صورةٌ من صور تمام وكمال عبادة الله -سبحانه-، وكمال التوكّل والاعتماد عليه، وحُسن الظنّ به، والتعلّق به والرجاء فيه وحده، قال ابن القيّم -رحمه الله-: "إنّ الله لا يتبرَّم بإلحاح الملحِّين، بل يحبُّ الملحِّين في الدعاء، ويحبُّ أَن يُسأَل، ويغضب إذا لم يُسأَل".
  • سببٌ لنَيْل محبّة الله، فالعبد ينال محبّة الله بإلحاحه في الدعاء والسؤال والطلب، قال ابن القيّم: "وأحبّ خلقه إليه أكثرهم وأفضلهم له سؤالاً، وهو يحبّ الملحّين في الدعاء، وكلّما ألحّ العبد عليه في السؤال أحبّه وقربه وأعطاه".
  • سببٌ لاستجابة الله للدعاء، ونَيْل المراد، فالإلحاح في الدعاء من أعظم أسباب الاستجابة.[٨]


المراجع

  1. ^ أ ب ماهر بن عبد الحميد بن مقدم، شرح الدعاء من الكتاب والسنة، صفحة 10-12. بتصرّف.
  2. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:1794، صحيح.
  3. ماهر بن عبد الحميد بن مقدم، شرح الدعاء من الكتاب والسنة، صفحة 33-34. بتصرّف.
  4. محمد بن إبراهيم التويجري، موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 20. بتصرّف.
  5. محمد صالح المنجد (26/1/2009)، "الإلحاح في الدعاء ليس من الاعتراض على القدر"، إسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 11/1/2021. بتصرّف.
  6. محمد بن إبراهيم الحمد (13/6/2014)، "من ثمرات وفضائل الدعاء وكيفيته في السنة النبوية"، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 11/1/2021. بتصرّف.
  7. محمد صالح المنجد (5/1/2017)، "فضل الدعاء، وفضل الإكثار منه، والإلحاح على الله فيه "، إسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 11/1/2021. بتصرّف.
  8. سلس نجيب ياسين (29/11/2016)، "فضل الإلحاح في الدعاء ومناجاة الرَّحمن"، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 11/1/2021. بتصرّف.