دعاء (اللهم إني أشكو إليك ضعف قوّتي وقلة حيلتي)

رُوي بإسناد ضعيف -كما سيأتي- أنّ النبي -صلى الله عليه وسلّم- دعا بهذا الدّعاء عقب صدود بني ثقيف عن دعوته، وهذا نصّ الدّعاء المروي:

(اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين، وأنت ربي، اللهم إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني، أم إلى عدو ملكته أمري؟ إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي، غير أن عافيتك أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت به الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، أن ينزل بي سخطك، أو يحل علي غضبك، لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بالله)، وفي بعض الروايات: (ولا حول ولا قوة إلا بك).[١]


مناسبة دعاء (اللهم إني أشكو إليك ضعف قوّتي وقلة حيلتي)

تذكر كثير من كتب السّير أنّ قريشاً لمّا زاد أذاها للنّبي -صلى الله عليه وسلم- واشتدّ صدودها عن دعوة الإسلام خرج إلى الطائف يدعو أهلها -ثقيف- ويرجو إسلامهم ونصرتهم على الحقّ، لكنّهم لم يجيبوه إلى طلبه، وأنكروا عليه ما دعاهم إليه.[٢]


وازداد الكرب وعظُمت المِحنَة على النبي -عليه الصلاة والسّلام- حين أغروا به سفاءهم وصبيانهم؛ فسبّوه وألقوا عليه الحجارة حتى أدموا قدميه، وغادر النبي الكريم الطائف مكروباً حزيناً مُتعباً، وعندما إلى بستان لعتبة بن ربيعة جلس في ظل شجرة، ثمّ أخذ يدعو بهذا الدعاء.[٢]


هل ثبتت صحّة هذا الدّعاء؟

اشتهر هذا الدّعاء وذكره كثير من المؤرّخين وكُتّاب السيرة النبوية في معرض الحديث عن قصّة الرّحلة الدّعوية التي قام بها النبي -صلى الله عليه وسلّم- إلى الطّائف، وما لاقاه من صدود وإيذاء أهلها، ولكنّ المحقّقين من أهل الحديث حكموا بضعف روايات الحديث الذي تضمّن هذا الدّعاء؛ ضعفاً من جهة الإسناد؛ فقد رواه الطبراني، ورواه من طريقه الضياء المقدسي، كما رواه ابن عدي، ومن طريقه رواه ابن عساكر، ورواه -أيضاً- الخطيب البغدادي، وغيرهم من المصنّفين.[٣]


واشتركوا بإسناد من طريق وهب بن جرير بن حازم قال: حدثنا أبي، عن محمد بن إسحاق، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن جعفر -رضي الله عنه- به، وهذا الإسناد ضعيف؛ فيه مدلّس رواه بالعنعنة، ولكنّ أهل العلم ذهبوا إلى أنّ الضعف فيه يسير، إذ إنّ اتصال السّند فيه محتمل؛ فضلاً عمّا يتسامح به أهل الحديث من رواية الأحاديث ذات الضعف اليسير في فضائل الأعمال والسّير والمغازي.[٣]


دلالات الدعاء

تضمّن الدّعاء معاني وتوجيهات عديدة، ولعلّ من أهمّها ما يأتي:

  • المسلم يلجأ في كربه إلى الله -تعالى-؛ فهو -سبحانه- مجيب دعوة المضطّرين، وهو -عزّ وجلّ- أمان الخائفين وناصر المستضعفين.
  • بثّ العبد شكواه لله -سبحانه- لا يتعارض مع الصّبر على ما يلاقيه المسلم من خطوب.

المراجع

  1. الطبراني (1413)، الدعاء (الطبعة 1)، بيروت:دار الكتب العلمية، صفحة 315.
  2. ^ أ ب محمد سعيد البوطي (1426)، فقه السيرة (الطبعة 5)، دمشق:دار الفكر، صفحة 100. بتصرّف.
  3. ^ أ ب فريق الموقع (13/6/2010)، "هل ثبت حديث : (اللهم أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي)"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 29/5/2023. بتصرّف.