دعاء (باسمك اللهم وضعت جنبي)

ثبت في الصحيح عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا أوَى أحَدُكُمْ إلى فِراشِهِ، فَلْيَنْفُضْ فِراشَهُ بداخِلَةِ إزارِهِ؛ فإنَّه لا يَدْرِي ما خَلَفَهُ عليه، ثُمَّ يقولُ: باسْمِكَ رَبِّ، وضَعْتُ جَنْبِي، وبِكَ أرْفَعُهُ، إنْ أمْسَكْتَ نَفْسِي فارْحَمْها، وإنْ أرْسَلْتَها فاحْفَظْها بما تَحْفَظُ به عِبادَكَ الصَّالِحِينَ).[١]


وهذا الدّعاء كما جاء للتّحصّن باسم الله عند النّوم؛ فإنّه -كذلك- جاء في سياق يستحضر فيه المسلم أنّ النّوم شكلٌ من أشكال الوفاة، والاستيقاظ من النّوم صورة من صور البعث، قال الله -تعالى-: (اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا ۖ فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَىٰ عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَىٰ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).[٢][٣]


ويأتي هذا الدّعاء (باسمك اللهم وضعت جنبي) ضمن أحاديث عديدة ثبت فيها أذكار وأدعية خاصّة يستحبّ الدّعاء بها عند النّوم، منها قراءة آية الكرسي وسورة الإخلاص والمعوذتين، وقد جمع عدد من أهل العلم أذكار النّوم في كتبهم، ويمكن الرّجوع إليها في كتاب حصن المسلم من أذكار اليوم والليلة.[٤]


شرح دعاء (باسمك اللهم وضعت جنبي)

يحمل هذا الدّعاء المبارك دلالات عظيمة يحسُن بالمسلم أنْ يقف عندها ويتدبّرها، ومن ذلك ما يأتي:[٥]

  • "باسمك ربي"

أي: أستعين باسمك يا رب، وفي هذا تعويد للمسلم بأنْ يجعل اسم الله -تعالى- حاضراً في ساعات يومه كلّها؛ نهارها وليلها، وهذا دليلٌ على حُسن إيمان العبد وصدق توكّله على مولاه -سبحانه-.


  • "وضعت جنبي، وبك أرفعه"

أي: وضعت جنبي يا ربّ ورفعته بإقدارك لي على فعل ذلك؛ فلا أضعه ولا أرفعه إلا بإذنك وما أقدرتني على فعله، والمقصود هنا النّوم والاستيقاظ منه، وفيه اعتراف بأنّ المرء لا حول له ولا قوة إلا بالله -عزّ وجلّ-.


  • "إنْ أمسكت نفسي فارحمها"

أي: يا ربّ إنْ قبضت روحي أثناء نومي، فأدخلها في رحمتك وعفوك وغفرانك، ولا تحرمها فضلك، وقد عبّر عن قبض الرّوح بلفظ "الإمساك"، ويعني هنا توقّف الاتصال القائم بين الرّوح والجسم.


  • "وإنْ أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين"

أي: يا رب إنْ كتبت لروحي حياة بعد النّوم؛ فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين، ويكون ذلك بأنْ يوفَّق العبد للطاعة والهدى والصّلاح، والاستقامة على أمر الله -عزّ وجلّ-، واجتناب نواهيه بعصمته عن الوقوع فيما حرّم الله.


وهذا الدّعاء المبارك نوع من الأخذ بالأسباب لتحصين النّفس في منامها ويقظتها، وهو كذلك استجابة محمودة لهدي النبي -صلى الله عليه وسلّم-، كما أنّ دعوة النبي الكريم لنفض الفراش قبل أنْ يأوي المرء إليه للنّوم تُظهِر حرص الإسلام على سلامة أفراد المجتمع ودفع الأذى عنهم؛ فقد يكون الفراش قد علق به شيء من هوامّ الأرض وحشراتها.

المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:6320، صحيح.
  2. سورة الزمر، آية:42
  3. الغزالي، إحياء علوم الدين، بيروت:دار المعرفة، صفحة 345، جزء 1. بتصرّف.
  4. سعيد بن وهف القحطاني ، حصن المسلم من أذكار الكتاب والسنة، صفحة 68.
  5. فريق الموقع، "شرح حديث: باسمك ربي وضعت جنبي"، الدرر السنية شروح الأحاديث، اطّلع عليه بتاريخ 25/5/2023. بتصرّف.