فضل الاستغفار
الاستغفار هو طلب المغفرة من الله تعالى، وهو من أنفع الأذكار والأدعية التي يجب على المسلم أن يكثر منها، يقول الله تعالى: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا* يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا* وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا}،[١] والمتأمل في الدعاء الذي علّمه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأبي بكر كما في الصحيح، أنّه قال: يا رسول الله علّمني دعاًء أدعو به في صلاتي فقال: (قُلْ: اللَّهُمَّ إنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا، ولَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أنْتَ، فَاغْفِرْ لي مَغْفِرَةً مِن عِندِكَ، وارْحَمْنِي، إنَّكَ أنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ)،[٢] فهذا أبو بكر االصّديق -رضي الله عنه- وهو من له منزلة كبيرة في الإسلام وفي التصديق فهو خير النّاس بعد الأنبياء والمرسلين؛ ومع هذا فقد علّمه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذا الدعاء الذي فيه طلب المغفرة من الله تعالى، وهي أعلى ما يُسأل الله به،[٣] وتتعدد الأدعية الواردة في الحثّ على الاستغفار، كدعاء سيد الاستغفار الذي سيتم بيانه في هذا المقال:
دعاء اللهم أنت ربي
(سيد الاستغفار: اللَّهُمَّ أنْتَ رَبِّي لا إلَهَ إلَّا أنْتَ، خَلَقْتَنِي وأنا عَبْدُكَ، وأنا علَى عَهْدِكَ ووَعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ، أعُوذُ بكَ مِن شَرِّ ما صَنَعْتُ، أبُوءُ لكَ بنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وأَبُوءُ لكَ بذَنْبِي فاغْفِرْ لِي، فإنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أنْتَ).[رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن شداد بن أوس، الصفحة أو الرقم:6303، حديث صحيح.]
معنى دعاء اللهم أنت ربي
قال الطيبي -رحمه الله-: "لما كان هذا الدعاء جامعًا لمعاني التوبة كلها استُعير له اسم السيد، وهو في الأصل الرئيس الذي يقصد في الحوائج، ويرجع إليه في الأمور"، وفي الآتي بيان لمعاني دعاء اللهم أنت ربي:[٤]
- اللَّهُمَّ أنْتَ رَبِّي: إقرار لله تعالى بالرّبوبية، وأنّه المالك المتصرّف المحيّ المميت، ولا شيء في هذا الكون يخرج عن إرادته وملكه وتدبيره، كما قال تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}،[٥] وهذا النوع من التوحيد مفطور عليه الخلق، وقد أقرّه المشركون كما قال الله تعالى: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ۚ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ ۚ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ}،[٦] ولا يكفي للعبد أن يقرّ بهذا النوع من التوحيد حتى يشهد أن لا إله إلا الله ويكفر بما يعبد من دون الله تعالى من الأصنام والآلهة والمعبودات.
- لا إلَهَ إلَّا أنْتَ: أي لا معبود بحقّ إلا الله تعالى، وهذه الشهادة هي أصل دعوة الأنبياء والمرسلين، يقول تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}.[٧]
- خَلَقْتَنِي وأنا عَبْدُكَ: إقرار لله تعالى بالعبودية والفقر وما يلزمها من الخضوع والذلّ والاستسلام لله تعالى.
- وأنا علَى عَهْدِكَ ووَعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ: من الطاعة.
- أعُوذُ بكَ مِن شَرِّ ما صَنَعْتُ: من المعاصي والتقصير في حقك.
- أبُوءُ لكَ بنِعْمَتِكَ عَلَيَّ: إقرار من العبد لله تعالى بالنّعم التي تستوجب الشكر، الذي يورث كمال المحبة لله تعالى.
- وأَبُوءُ لكَ بذَنْبِي فاغْفِرْ لِي، فإنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أنْتَ: إقرار من العبد لله تعالى بالذنوب والمعاصي، وما يورّث كمال الذلّ لله تعالى، وهذا الحديث قد شمل معاني التوحيد وجلّ معاني المغفرة، لذا سمّاه النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بسيّد الاستغفار.
المراجع
- ↑ سورة نوح، آية:10 11 12
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي بكر الصديق، الصفحة أو الرقم:6323، حديث صحيح.
- ↑ "فضل الاستغفار وعدده اليومي"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 13/4/2021. بتصرّف.
- ↑ "شرح معاني دعاء سيد الاستغفار"، مداد، اطّلع عليه بتاريخ 13/4/2021. بتصرّف.
- ↑ سورة الفاتحة، آية:2
- ↑ سورة يونس، آية:31
- ↑ سورة النحل، آية:36