صلاة الوتر

صلاة الوتر سنة مؤكدة، ومن الفقهاء من قال بوجوبها، وقد فعلها النبي -صلّى الله عليه وسلم- وداوم عليها ولم يتركها في حضر ولا سفر، وحثَّ المسلمين عليها، وأخبر بأنَّ الله -تعالى- يحبها، قال -صلّى الله عليه وسلم-: (إنَّ اللهَ وِترٌ يُحبُّ الوِترَ، فأَوْتِروا يا أهلَ القُرآنِ)،[١] لذلك فإنَّ فضل صلاة الوتر عظيم وشأنها جليل، فهي من أفضل النوافل والقربات وآكد السنن، ووقت صلاة الوتر من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، فهي آخر صلاة في الليل، وليس لها عدد معين من الركعات، فأقلها ركعة واحدة، وأفضلها إحدى عشرة، قال -صلى الله عليه وسلم-: (الوتر ركعة من آخر الليل)،[٢] وقد ورد عنه -صلى الله عليه وسلم- أنَّه أوتر بثلاث ركعات وبخمس وبسبع وبتسع، وكان يوتر بأحد عشر ركعة في غالب لياليه، جاء في الحديث: (أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، كانَ يُصَلِّي باللَّيْلِ إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُوتِرُ منها بوَاحِدَةٍ)،[٣] ولصلاة الوتر دعاء خاص، يسمى دعاء القنوت.[٤][٥]


كيفية الدعاء في صلاة الوتر

دعاء القنوت في صلاة الوتر يكون في الركعة الأخيرة، ويكون محله بعد الركوع، ويجوز أن يكون قبل الركوع، فقد ورد الأمران في ذلك، ولكنَّه بعد الركوع أفضل، ويسنُّ أن يرفع الداعي يديه بالدعاء، ويبسطهما نحو السماء، ويقربهما إلى بعض كالمستجدي الذي ينتظر العطاء، ولكن لا يبالغ في رفعهما كثيراً، بل يرفعهما إلى صدره فقط، لأنَّ هذا الدعاء هو دعاء رغبة، وليس دعاء ابتهال، فلا يبالغ فيه برفع اليدين، والأفضل عدم المداومة على قنوت الوتر، لأنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يثبت عنه المداومة عليه.[٦]


صيغة دعاء قنوت الوتر

ورد في دعاء القنوت في صلاة الوتر أكثر من صيغة ثبتت في السنة النبوية، منها:[٧]

  • (اللَّهمَّ اهدني فيمن هديتَ وعافني فيمن عافيتَ وتولَّني فيمن تولَّيتَ وبارك لي فيما أعطيتَ وقِني شرَّ ما قضيتَ إنَّكَ تقضي ولا يُقضى عليكَ إنَّهُ لا يذلُّ من واليتَ تباركتَ ربَّنا وتعاليتَ).[٨]
  • (اللهمَّ إنا نعوذُ برضاك من سخطِك وبعفوِك من عقوبتِك، وبِك مِنك، لا نُحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنَيت على نفسِك).[٩]
  • (اللهمَّ إياكَ نعبُدُ ولكَ نُصلِّي ونَسجُدُ وإليكَ نَسْعَى ونَحْفِدُ نرجو رحمتَكَ ونخشى عذابَكَ إنَّ عذابَكَ بالكافرينَ مُلْحِقٌ اللهمَّ إنَّا نستعينُكَ ونستغفرُكَ ونُثْنِي عليكَ الخيرَ ولا نَكْفُرُكَ ونُؤمنُ بكَ ونخضعُ لكَ ونَخلعُ من يَكْفُرُكَ).[١٠][١١]


كيفية أداء صلاة الوتر

يبدأ وقت صلاة الوتر من بعد صلاة العشاء وحتى طلوع الفجر، والأفضل عدم تأخير صلاة الوتر لآخر الليل إلا إذا كان للمسلم تهجد في آخر الليل وكان يغلب على ظنه أنَّه سيستقظ، قال -صلى الله عليه وسلم-: (أيُّكُمْ خافَ أنْ لا يَقُومَ مِن آخِرِ اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ، ثُمَّ لِيَرْقُدْ، ومَن وثِقَ بقِيامٍ مِنَ اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ مِن آخِرِهِ، فإنَّ قِراءَةَ آخِرِ اللَّيْلِ مَحْضُورَةٌ، وذلكَ أفْضَلُ)،[١٢] وللمسلم الخيار في عدد ركعات الوتر، فيستطيع أن يصلي العدد الذي يريده وكلما زاد فهو أفضل وأعظم أجراً بإذن الله، جاء في الحديث: (الوترُ حقٌّ على كلِ مسلمٍ، من أحبَّ أن يوترَ بخمسٍ فلْيفعلْ، ومن أحبَّ أن يُوترَ بثلاث فلْيفعلْ، ومن أحبَّ أن يُوتِر بواحدةٍ فلْيفعلْ)،[١٣] فإذا أراد المسلم أن يقتصر على ركعة واحدة في الوتر فيصلي ركعة واحدة ثمَّ يجلس في آخرها ويسلم، أما إذا أراد أن يزيد على الواحدة فيصلي الوتر ركعتين ركعتين، فيسلم في نهاية كل ركعتين ثم يختم صلاته كلها بركعة واحدة أخيرة، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (صَلاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فإذا رَأَيْتَ أنَّ الصُّبْحَ يُدْرِكُكَ فأوْتِرْ بواحِدَةٍ. فقِيلَ لاِبْنِ عُمَرَ: ما مَثْنَى مَثْنَى؟ قالَ: أنْ تُسَلِّمَ في كُلِّ رَكْعَتَيْنِ)،[١٤][١٥] وهناك كيفيات أخرى لأداء صلاة الوتر إذا أراد المسلم أن يصلي أكثر من ركعة، منها:

  • إذا أراد المسلم أن يصلي الوتر ثلاث ركعات، فإما أن يصلي الثلاث بجلوس واحد وتسليم، جاء في الحديث: (أنَّه صلَّى الوِترَ ثلاثَ ركعاتٍ، لم يسلِّمْ إلَّا في آخرِهنَّ[١٦] وإما أن يصلي ركعتين ويسلم في نهايتهما ثم يصلي ركعة أخيرة ويسلم فيها، جاء في الحديث: (كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَفصِلُ بينَ الشَّفعِ والوَترِ بتَسليمةٍ ليُسمِعَناها)،[١٧] وهناك صورة ثالثة وهي أن يصلي الركعات الثلاث كما يصلي المغرب وهذا مذهب الحنفية ولكن الصورتان الأوليان أفضل.[١٨]
  • إذا أراد أن يوتر بخمس ركعات أو بسبع فيصليها متصلة، بجلوس واحد وتسليم، جاء في الحديث: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُوتِرُ مِن ذلكَ بخَمْسٍ، لا يَجْلِسُ في شيءٍ إلَّا في آخِرِهَا).[١٩]
  • إذا أراد أن يوتر بتسع ركعات فإنَّه يصلي ثماني ركعات متصلة ثم يجلس بعدها للتشهد ولا يسلم، ثم يقوم فيأتي بالركعة التاسعة ثم يجلس ويسلم، جاء في الحديث: (يا أمَّ المؤمنينَ أفتيني عن وترِ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ قالَت كنَّا نعدُّ لَه سواكَهُ وطهورَهُ فيبعثُهُ اللَّهُ فيما شاءَ أن يبعثَهُ منَ اللَّيلِ فيتسوَّكُ ويتوضَّأُ ثمَّ يصلِّي تسعَ رَكَعاتٍ. لا يجلِسُ فيها إلَّا عندَ الثَّامنةِ فيدعو ربَّهُ فيذكرُ اللَّهَ ويحمدُهُ ويدعوهُ ثمَّ ينهضُ ولا يسلِّمُ ثمَّ يقومُ فيصلِّي التَّاسعةَ ثمَّ يقعدُ فيذكرُ اللَّهَ ويحمدُهُ ويدعو ربَّهُ ويصلِّي علَى نبيِّهِ ثمَّ يسلِّمُ تَسليمًا يُسمعُنا).[٢٠]
  • إذا أراد أن يوتر بإحدى عشرة ركعة فإنَّه يصلي ركعتين ركعتين يسلم في نهاية كل منهما حتى يصلي عشر ركعات ثم يصلي ركعة واحدة يختم بها صلاته.


وأدنى الكمال في عدد ركعات صلاة الوتر هو ثلاث ركعات، ويسنُّ إذا صلى المسلم ثلاث ركعات أن يقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة سورة الأعلى، وأن يقرأ في الثانية سورة الكافرون، وأن يقرأ في الثالثة سورة الإخلاص، جاء في الحديث: (كانَ رسولُ اللَّهِ يقرأُ في الوترِ بِ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى وَ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ).[٢١][١٥]


المراجع

  1. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم:453، حديث صحيح.
  2. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم:752، حديث صحيح.
  3. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:736، حديث صحيح.
  4. الإمام ابن باز، "صلاة الوتر ووقتها وعدد ركعاتها وكيفية أدائها"، الإمام ابن باز، اطّلع عليه بتاريخ 17/4/2021. بتصرّف.
  5. رقم السؤال36793 (6/6/2005)، "حكم التهاون في أداء الوتر"، الاسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 17/4/2021. بتصرّف.
  6. رقم السؤال14093 (15/5/2004)، "دعاء القنوت في الوتر"، الاسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 17/4/2021. بتصرّف.
  7. الإمام ابن باز، "وقت صلاة الوتر والدعاء الوارد فيها"، الإمام ابن باز، اطّلع عليه بتاريخ 17/4/2021. بتصرّف.
  8. رواه الوادعي، في الصحيح المسند ، عن الحسن بن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم:320، حديث صحيح رجاله ثقات.
  9. رواه الألباني، في إرواء الغليل، عن علي بن أبي طالب ، الصفحة أو الرقم:430، حديث صحيح.
  10. رواه الألباني، في إرواء الغليل، عن عبدالرحمن بن أبزى، الصفحة أو الرقم:170، حديث إسناده صحيح.
  11. رقم الفتوى: 9762 (22/8/2001)، "صلاة الوتر في المذهب الحنفي"، اسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 17/4/2021. بتصرّف.
  12. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم:755، حديث صحيح.
  13. رواه ابن حجر العسقلاني، في بلوغ المرام، عن أبي أيوب الأنصاري، الصفحة أو الرقم:107، حديث صححه ابن حبان ورجح النسائي وقفه.
  14. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم:749، حديث صحيح.
  15. ^ أ ب رقم السؤال46544 (6/6/2004)، "الكيفيات الواردة لصلاة الوتر"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 17/4/2021. بتصرّف.
  16. رواه ابن حجر العسقلاني، في الدراية، عن أنس، الصفحة أو الرقم:192، حديث صحيح.
  17. رواه الألباني، في إرواء الغليل، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم:327، حديث صحيح.
  18. رقم الفتوى: 1313 (3/7/2002)، "كيفية صلاة الوتر"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 17/4/2021. بتصرّف.
  19. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:737 ، حديث صحيح.
  20. رواه الألباني، في صحيح ابن ماجه، عن سعد بن هشام، الصفحة أو الرقم:987 ، حديث صحيح.
  21. رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن عبدالرحمن بن أبزى، الصفحة أو الرقم:1736، حديث صحيح.