دعاء صلاة الوتر

إنَ صلاة الوتر هي الصلاة التي تُؤدى ما بين صلاة العشاء وطلوع الفجر، وهي من العبادات العظيمة التي أوصى الرسول -صلى الله عليه وسلّم- بها لما لها من فضل عظيم، وهي سنة مؤكدة وليست واجبةً، وسميت صلاة الوتر بهذا الاسم؛ لأنَّها تصلى وترًا أي ركعةً فردية،[١] ودعاء الوتر هو الدعاء بعد القيام من الركوع الأخير في الصلاة بقصد التقرب إلى الله عز وجل وطلب الرحمة والمغفرة منه والتضرع له سبحانه وتعالى، وقد وردت أدعية عن الرسول صلى الله عليه وسلم في ما يقال بدعاء الوتر وأشهرها ما جاء عن الحسن بن علي -رضي الله تعالى عنهما-، قال: "علَّمني رسولُ صلَّى عليْهِ وسلَّمَ كلماتٍ أقولُهنَّ في الوترِ، - قالَ ابنُ جوَّاسٍ: في قنوتِ الوترِ": (اللَّهمَّ اهدِني فيمن هديت، وعافِني فيمن عافيتَ، وتولَّني فيمن تولَّيتَ، وبارِك لي فيما أعطيتَ، وقني شرَّ ما قضيتَ، إنَّكَ تقضي ولا يقضى عليْكَ، وإنَّهُ لا يذلُّ من واليتَ، ولا يعزُّ من عاديتَ، تبارَكتَ ربَّنا وتعاليتَ).[٢]


دعاء الوتر اللهم اهدنا فيمن هديت الثابت في السنة

ثبت في الحديث الصحيح من حديث الحسن بن علي وعن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم علَّمه كلمات يقولها في دعاء الوتر فقال له: (اللَّهمَّ اهدِني فيمن هديت، وعافِني فيمن عافيتَ، وتولَّني فيمن تولَّيتَ، وبارِك لي فيما أعطيتَ، وقني شرَّ ما قضيتَ، إنَّكَ تقضي ولا يقضى عليْكَ، وإنَّهُ لا يذلُّ من واليتَ، ولا يعزُّ من عاديتَ، تبارَكتَ ربَّنا وتعاليتَ).[٢]


شرح دعاء الوتر "اللهم اهدنا فيمن هديت"

  • "اللهم اهدِنا فيمَن هديتَ": أي يا رب إنا نسألك الهداية لطريق الحق ونسألك الهداية في العلم والعمل، فإن ذلك من مقتضى رحمتك وعفوك، فقد هديت أناسًا كثيرين.[٣]
  • "وعافِنا فيمَن عافيتَ": أي وعافنا من الأمراض البدنية والأمراض النفسية التي قد تنشأ إما من فعل الإنسان للشهوات وإعراضه عن الحق، أو من الجهل في التفريق بين الحق والباطل، فنسأل الله أن يعافينا من أمراض الأبدان وأمراض القلوب.[٣]
  • "وتولَّنا فيمَن تولَّيتَ": أي تولنا يا الله في كل أمورنا بما تحب وترضى.[٤]
  • "وبارِكْ لنا فيما أعطيتَ": أي نسألك يا الله أن تكثر علينا الخير والبركة فيما أنعمت علينا من نعم بالمال والولد والصحة والعلم.[٣]
  • "وقِنا شرَّ ما قضيتَ": أي احمنا يا الله من شر الذي قدّرته من قضاء وقدر، فاكتب لنا الخير يا الله.[٤]
  • "إنك تقضي ولا يُقضَى عليك": أي أن الله سبحانه وتعالى يقضي بأمره وحكمه كل شيء وله الشأن كله، ولا يقدر على حكمه أحد من العباد ولا يقضي عليه أحد.[٣]
  • "وإنه لا يَذِلُّ مَن واليت ولا يعز من عاديت": أي الله سبحانه وتعالى لا يذل الإنسان إذا تولاه، وتتحقق هذه الولاية بتحقق الإيمان والتقوى لدى الإنسان، كما أن الله سبحانه وتعالى لا يعز من عاداه؛ فمن عادى الله عز وجلَ يكون ذليلًا ومهانًا ولا يمكن أن يكون عزيزًا،[٥] قال تعالى:{مَن كَانَ عَدُوّاً للَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ}.[٦]
  • "تباركَت ربنا وتعاليت": يختم الدعاء بالثناء على الله عز وجلَ بالبركة والعلو؛ أي كثرت بركاته وخيراته -عز َّوجلَ- ووسعت جميع خلقه فالله تعالى هو البركة كلها، "وتعاليت": أي تعالى الله علوًا بذاته فوق جميع الخلق وليس كمثله شيء، وعليٌ بصفات الكمال التي تليق بجلاله وعظمته، فلا يمكن أن يتصف بالنقص.[٥]


فضل دعاء الوتر اللهم اهدنا فيمن هديت

الدعاء له منزلة عظيمة في الإسلام فهو من أفضل العبادات وأنفع القربات، وفيه إظهار التضرع والتذلل إلى الله عز وجل والثناء عليه،[٧] قال تعالى:{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}،[٨] وفيما يأتي فضل دعاء الوتر:

  • دعاء الوتر من الأدعية العظيمة التي علمنا إياها النبي المصطفى -صلّى الله عليه وسلم-، ويشتمل على أعظم مسائل الإيمان، فهو يتضمن الكثير من صفات رب العالمين سبحانه وتعالى والتي منها الهداية والولاية والبركة والوقاية وما غير ذلك.[٩]
  • دعاء الوتر فيه إقرار لمشيئة الله الكاملة وقضائه النافذ على جميع مخلوقاته.[٥]
  • دعاء الوتر يتضمن أصول السعادة في الدارين، ففيه يسأل العبد ربه مطالب كثيرة منها؛ البركة، والهداية، والعافية، وغيرها، وجميع هذه المطالب من أهم أسباب تحقيق السعادة في الدنيا والآخرة.[٥]
  • الدعاء في أي وقت هو لبُّ العبادة وخالصها، فقد قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلم-: (الدُّعاءُ هو العبادةِ).[١٠]
  • دعاء الوتر فيه دليل على التوكل على الله باستعانة المسلم به في كافة أموره، وتفويضه إليه وحده دون سواه.[١١]
  • دعاء الوتر سبب لدفع غضب الله،[١١] قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَن لَم يَسأَلِ اللهَ يَغضَبْ عليه).[١٢]


المراجع

  1. د. خالد النجار (26/7/2017)، "وقفات مع صلاة الوتر"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 23/3/2021. بتصرّف.
  2. ^ أ ب رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن الحسن بن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم:1425، حديث صحيح.
  3. ^ أ ب ت ث سماحة الشيخ محمد بن صالح العثيمين (6/9/2009)، "مختصر شرح دعاء القنوت"، الألوكة ، اطّلع عليه بتاريخ 24/3/2021. بتصرّف.
  4. ^ أ ب "شرح حديث "دعاء القنوت""، إسلام ويب، 16/3/2004، اطّلع عليه بتاريخ 24/3/2021. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ت ث ابن عثيمين، كتاب شرح دعاء قنوت الوتر، صفحة 7-9. بتصرّف.
  6. سورة البقرة، آية:98
  7. الشيخ صلاح نجيب الدق (10/1/2017)، "فضائل الدعاء"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 24/3/2021. بتصرّف.
  8. سورة غافر، آية:60
  9. الشيخ حسين عامر (26/6/2020)، "شرح دعاء قنوت الوتر :(اللهم اهدني فيمن هديت..)"، الراشدون، اطّلع عليه بتاريخ 25/3/2021. بتصرّف.
  10. رواه النووي، في الأذكار، عن النعمان بن بشير، الصفحة أو الرقم:478، إسناده صحيح.
  11. ^ أ ب محمد بن إبراهيم الحمد (13/6/2014)، "من ثمرات وفضائل الدعاء وكيفيته في السنة النبوية "، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 25/3/2021. بتصرّف.
  12. رواه ابن حجر العسقلاني، في تخريج مشكاة المصابيح ، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:411، حديث حسن كما قال في المقدمة.