دعاء (اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة)

كان من هدي النبيّ -صلى الله عليه وسلّم- الإكثار والمحافظة على الدّعاء عموماً، كما كان يداوم على أدعية ممّا أكرمه الله -عزّ وجلّ- به من جوامع الكَلِم؛ حيث تضمّنت كثير من الأدعية المأثورة ما يجمع بين خيري الدنيا والآخرة، ومن ذلك سؤال النبي الكريم ربّه -سبحانه- العفو والعافية في الدنيا والآخرة.


وفي الحديث الذي رواه عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- قوله: (لم يكنْ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَدَعُ هؤلاء الدعواتِ حينَ يُمسي، وحينَ يُصبِحُ: اللهم إني أسألُك العافيةَ في الدنيا والآخرةِ، اللهم إني أسألُك العفوَ والعافيةَ في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استرْ عورتي وآمنْ روعاتي، اللهم احفظْني مِن بين يديَّ، ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي، وأعوذُ بعظمتِك أن أُغتالَ مِن تحتي).[١]


والعافية في لغة العرب تعني البَرَء من البلايا والأسقام،[٢] والمُعافى هو المتمتّع بالسلامة وتمام الصّحة، أمّا العفو فهو اسم من أسماء الله الحُسنى، وعفو الله يعني: الصّفح والمسامحة والتّجاوز عن العقاب رغم استحقاق صاحبه له.[٣]


شرح دعاء (اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة)

تضمّن هذا الدّعاء المبارك معاني جليلة يحْسُن بالمسلم الوقوف عندها، ولعلّ أبرزها ما يأتي:[٤]

  • في الرّواية تأكيد على أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- كان كثير التّضرّع لربّه -سبحانه-؛ ومن ذلك أنّه لم يكن يترك هذه الدّعوات في صباحه ومسائه أبداً.
  • العافية هي السلامة والنّجاة، والعفو هو المسامحة، وهما أمران يطلبهما كلّ مسلم، ويرجوهما كل موحّد عاقل؛ ففيهما خيري الدنيا والآخرة.
  • شمول الأهل بالدّعاء دليل على حُسن المعشر وجميل الصّحبة.
  • ستر العورات والأمن ممّا يُخيف ويُفزِع فيه طمأنينة القلب وعون للمرء على سلامة العيش وخلوِّ حياته من المكدّرات.
  • طلب الحفظ والتّحصين من الله تعليم للنّاس وتدريب لهم على طلب العون والحفظ والرّعاية من الله وحده؛ فهو -سبحانه- خير حافظاً وهو أرحم الرّاحمين.


أدعية مأثورة في العفو والعافية

ثبت في الأحاديث الصحيحة الدّعاء بالعفو والعافية في مواقف مختلفة، وهي في مجموعها تؤكّد على أهمية الدّعاء بها، ومن هذه الأحاديث ما يأتي:



  • (قامَ رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّه عليه وسلم- عامَ الأوَّلِ على المنبرِ، ثمَّ بَكى فقالَ: سلوا اللَّهَ العفوَ والعافيةَ فإنَّ أحدًا لم يُعطَ بعدَ اليقينِ خيرًا منَ العافيةِ). [أخرجه الترمذي، حسن صحيح]





  • (... لا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ العَدُوِّ، وسَلُوا اللَّهَ العَافِيَةَ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا ...). [أخرجه البخاري]





  • كانَ رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- يُعلّم أصحابه الدّعاء إذَا خَرَجُوا إلى المَقَابِرِ، فَكانَ قَائِلُهُمْ يقولُ: (السَّلَامُ علَيْكُم أَهْلَ الدِّيَارِ مِنَ المُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، وإنَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ لَلَاحِقُونَ، أَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَلَكُمُ العَافِيَةَ). [أخرجه مسلم]





  • عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: (يا رسولَ اللهِ، أَرأيتَ إنْ وافَقتُ ليلةَ القَدرِ، ما أَقولُ فيها؟ قالَ: قولي: اللَّهُمَّ إنَّكَ عفُوٌّ تُحبُّ العَفوَ؛ فاعفُ عنِّي). [أخرجه الحاكم، صحيح على شرط الشيخين]



المراجع

  1. رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:5074 ، صحيح.
  2. "تعريف و معنى عافية في معجم المعاني الجامع"، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 31/5/2023. بتصرّف.
  3. "تعريف و معنى العفو في معجم المعاني الجامع"، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 31/5/2023. بتصرّف.
  4. فريق الموقع، "شرح حديث: اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة"، الدرر السنية شروح الأحاديث، اطّلع عليه بتاريخ 30/5/2023. بتصرّف.