دعاء (اللهم أدخلني مدخل صدق)

أخرج الترمذي عن عبد الله بن عبّاس -رضي الله عنهما- أنّه قال: (كانَ النبيُّ -صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ- بمكَّةَ، ثمَّ أُمِرَ بالهجرةِ، فنزلَت علَيهِ: (وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ، وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ، وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا)).[١]


وأخرج هذا الحديث -أيضاً- بإسناد صحيح الإمام أحمد في مسنده، والحاكم في مستدركه وغيرهما من أهل الحديث، ولأهل العلم في تفسير الدّعاء الوارد في الآية أقوال سيأتي ذكرها.


أقوال المفسّرين في دعاء: اللهم أدخلني مدخل صدق

ذهب المفسّرون إلى عدّة أقوال في تأويل المراد من الدّعاء الوارد في الآية، وتحديداً في المقصود بالإدخال والإخراج، وخلاصة ما ذهبوا إليه ما يأتي:[٢]

  • قيل: "أدخلني مدخل صدق" أيّ: المدينة، "وأخرجني مخرج صدق" أي: مكة.
  • قيل: أخرجني من مكة آمناً من المشركين، وأدخلني مكة ظاهراً عليها بالفتح المبين.
  • قيل: أدخلني الجنّة بما أرسلتني به من النّبوة، وأخرجني من الدنيا، وقد أدّيت ما أرسلتني به على الوجه الذي يرضيك.
  • قيل: أدخلني الجنة، وأخرجني من مكة.
  • قيل: أدخلني في التزام طاعتك، وأخرجني من المناهي والمعاصي.
  • قيل: معناه لا تجعلني يا ربّ ممّن يدخل بوجه، ويخرج بوجه؛ فإنّ صاحب الوجهين لا يكون عند الله وجيهاً.


أمّا قوله -تعالى-: (وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا)،[١] فأقوال المفسرين فيه متقاربة، وخلاصتها: اجعل لي يا رب حجّة بيّنة، وعزّاً ظاهراً أستعين به على إقامة دينك وأحكامك.[٢]


ويرى ابن عطية في تفسيره أنّ ظاهر الآية يقود إلى أنّ أحسن ما يقال فيها أنّه دعاء علّمه الله -عزّ وجلّ- لنبيّه -صلى الله عليه وسلّم- في أن يحسن الله حاله في كلّ أموره وأسفاره وأعماله.[٣]


تعميم الدّعاء بما ورد في الآية

ذهب أهل العلم أنّه لا بأس بتعميم هذه الآية في الدعاء، بمعنى أنْ يدعو بها المسلم كنوع من اقتباس الأدعية الواردة في القرآن الكريم، وله أنْ يقصد بها أنْ يجعل الله -عزّ وجلّ- أمره قائمًا على الحقّ والصدق، وأنْ يعينه على الحقّ بالحجّة البيّنة والإعانة الظاهرة.[٤]


وهذا مستفاد ممّا ذهب إليه بعض المفسّرين في تأويل الآية؛ حيث يقول السعدي في تفسيره: "اجعل مداخلي ومخارجي كلها في طاعتك وعلى مرضاتك، وذلك لتضمنها الإخلاص وموافقتها الأمر، واجعل لي حجّة ظاهرة، وبرهانًا قاطعًا على جميع ما آتيه وما أذره".[٥]


وروى بعض أهل العلم أنّ عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- كان إذا دخل بيتًا، قال: "بسم الله والحمد لله ولا قوة إلا بالله، والسلام على نبي الله، اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وأدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق، واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا، وهب لي من لدنك رحمة، إنك أنت الوهاب، اللهم احفظني من فوقي أن أختطف، ومن تحت رجلي أن يخسف بي، وعن يميني وعن شمالي من الشيطان الرجيم"[٤]


الهدي النبوي في الدعاء عند الخروج من المنزل



  • عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- قال: (إذا خرَج مِن بيتِه فقال: بسمِ اللهِ توكَّلْتُ على اللهِ لا حَوْلَ ولا قوَّةَ إلَّا باللهِ فيُقالُ له: حَسْبُكَ قد كُفِيتَ وهُدِيتَ ووُقِيتَ فيَلْقى الشَّيطانُ شَيطانًا آخَرَ فيقولُ له: كيفَ لكَ برجُلٍ قد كُفِي وهُدِي ووُقِي). [أخرجه ابن حبّان في صحيحه]





  • عن أم سلمة -رضي الله عنها-: (أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا خرجَ من بيتهِ قال: بسمِ اللهِ توكلتُ على اللهِ، اللهم إنا نعوذُ بكَ من أن نزِلّ أو نضِلَّ أو نظلِمَ أو نُظلمَ أو نجهل أو يُجهلَ علينا). [أخرجه الترمذي، حسن صحيح]



المراجع

  1. ^ أ ب رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:3139 ، حسن صحيح.
  2. ^ أ ب الحسين بن مسعود البغوي، "تفسير قوله تعالى " وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق ""، الإسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 15/7/2023. بتصرّف.
  3. ابن عطية (1422)، المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (الطبعة 1)، بيروت:دار الكتب العلمية، صفحة 479، جزء 3. بتصرّف.
  4. ^ أ ب فريق الموقع (19/6/2019)، "الدعاء بقوله تعالى: {وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق}."، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 15/7/2023. بتصرّف.
  5. السعدي (2000)، تيسير الكريم الرحمن (الطبعة 1)، صفحة 464.