دعاء الأنبياء: هل هو مستجاب؟

هل دعاء الأنبياء مستجاب؟

إن الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- هم أفضل الناس وأعلاهم منزلة عند الله -تعالى- وأقربهم منه، ودعاؤهم مستجاب على وجه العموم والإجمال، ومع ذلك فمن الممكن ألا يستجيب الله -تعالى- لهم في دعوة ما، قال -صلى الله عليه وسلم-: (سَأَلْتُ رَبِّي ثَلَاثًا، فأعْطَانِي ثِنْتَيْنِ وَمَنَعَنِي وَاحِدَةً، سَأَلْتُ رَبِّي: أَنْ لا يُهْلِكَ أُمَّتي بالسَّنَةِ فأعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لا يُهْلِكَ أُمَّتي بالغَرَقِ فأعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لا يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بيْنَهُمْ فَمَنَعَنِيهَا)،^[١] فالإجابة في دعاء الأنبياء غالبة ولكنها غير لازمة، فمن الممكن أن لا تستجاب دعوة من دعواتهم، لقضاء الله وحكمته، ولاستجابة الدعاء شروط وأسباب بيّنها النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث قال: (ما مِنْ مُسلِمٍ يَدْعو بدعوةٍ ليسَ فيها إثمٌ ولا قطيعةُ رَحِمٍ إلَّا أعطاهُ اللهُ إِحْدى ثلاثٍ: إمَّا أنْ يُعَجِّلَ لهُ دعوتَهُ، وإمَّا أنْ يدَّخِرَها لهُ في الآخِرةِ، وإمَّا أنْ يصرِفَ عنهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَها)،^[٢] فدعاء الأنبياء مستجاب بالغالب العام لأنهم حققوا هذه الشروط، وقد خصهم الله بدعوة مستجابة لكل منهم.^[٣]

حديث لكل نبي دعوة مستجابة

ثبت هذا الحديث في السنة النبوية بأكثر من لفظ، وكلها ألفاظ متقاربة تفيد نفس المعنى، وهذه أصحها:

• (لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجابَةٌ يَدْعُو بها، وأُرِيدُ أنْ أخْتَبِئَ دَعْوَتي شَفاعَةً لِأُمَّتي في الآخِرَةِ).^[٤]
• (لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجابَةٌ يَدْعُو بها فيُسْتَجابُ له، فيُؤْتاها، وإنِّي اخْتَبَأْتُ دَعْوَتي شَفاعَةً لِأُمَّتي يَومَ القِيامَةِ).^[٥]
• (لكلِّ نبيٍّ دعوةٌ مستجابةٌ، فتعجَّل كلُّ نبيٍّ دعوتَه، وإني اختبأتُ دعوتي شفاعةً لأمتي، فهي نائلةٌ من مات منهم لا يشركُ باللهِ شيئًا).^[٦]
• (لكلِّ نبيٍّ دعوةٌ مُستجابةٌ، فتُجعَلُ لكلِّ نبيٍّ دَعوتُهُ، وإنِّي خبَّأْتُ دَعوتِي شفاعةً لأُمتِي يومَ القيامةِ، فهِيَ نائِلةٌ إنْ شاءَ اللهُ مَنْ ماتَ من أُمتي لا يُشرِكُ باللهِ شيئًا).^[٧]

شرح حديث لكل نبي دعوة مستجابة

ليس معنى قوله -صلى الله عليه وسلم- "لكل نبي دعوة مستجابة" أنه لا يستجاب لهم إلا دعوة واحدة فقط، بل المعنى أن الله تعالى جعل لكل نبي من الأنبياء تكريماً خاصاً بأن جعل له دعوة خاصة يدعو بها فيما أحب وأراد من أمر الدنيا والآخرة، وتكون هذه الدعوة مستجابة من الله -تعالى- ويكون النبي على علم مسبق بهذه الإجابة، فهذا من تكريم الله تعالى لأنبيائه، وليست هذه الدرجة وهذه المكانة إلا للأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- فكل نبي من الأنبياء دعا بهذه الدعوة في الدنيا واستعجل بها، ولكن نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- آثر أمته على نفسه وأخّر هذه الدعوة إلى يوم القيامة، ليجعلها شفاعة لهم، ينالها من مات منهم على التوحيد ولم يشرك بالله شيئا، وذلك لرحمته -صلى الله عليه وسلم- بهم وخوفه عليهم فهو رؤوف ورحيم بهم، كما وصفه الله تعالى في القرآن الكريم.^[٨]