الأدعية في الشريعة الإسلامية
تنوعت الادعية التي وردت في السنة النبوية واختلفت في مضمونها، فتارة تجد أدعيةً عن الهداية والتوبة، وتارةً تجد أدعية عن الشفاء وتارة تجد أدعية عن حفظ النفس، وتارة تجد أدعية عند التقاء الأعداء، فلم تترك الشريعة الإسلامية شيئًا إلّا وقد وضعت له نُظمًا وقواعد، فالشريعة الإسلامية لم تنزل إلّا لبيان ووصف حياة الإنسان على الوجه الصحيح، كما وصف الله سبحانه كتابه، حيث قال: (وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ ۖ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هؤُلَاءِ ۚ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ)؛[١][٢] لذلك فقد ورد عنه -صلّى الله عليه وسلّم- مجموعة من الأدعية التي تقال عند مقاتلة الأعداء كدعاء: اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب، وفي الآتي بيان له بالتفصيل:
دعاء اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب من السنة
كَتَبَ إلَيْهِ عبدُ اللَّهِ بنُ أبِي أوْفَى رَضِيَ اللَّهُ عنْهمَا، فَقَرَأْتُهُ: إنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في بَعْضِ أيَّامِهِ الَّتي لَقِيَ فِيهَا، انْتَظَرَ حتَّى مَالَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ قَامَ في النَّاسِ خَطِيبًا قالَ: (أيُّها النَّاسُ، لا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ العَدُوِّ، وسَلُوا اللَّهَ العَافِيَةَ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا، واعْلَمُوا أنَّ الجَنَّةَ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ، ثُمَّ قالَ:
اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكِتَابِ، ومُجْرِيَ السَّحَابِ، وهَازِمَ الأحْزَابِ، اهْزِمْهُمْ وانْصُرْنَا عليهم).[رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن أبي أوفى، الصفحة أو الرقم:2965، حديث صحيح.]
شرح دعاء اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب
كتب هذا الدعاء عبد الله بن أوفى لعمر بن عبيد الله الذي كان أميرًا على حرب الخوارج، فقرأ هذا الدعاء سالم وهو مولى عبد الله بن أوفى، وكان فيه أنَّ الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- يأمرنا بعدم تمني ملاقاة العدو؛ في قوله -عليه الصلاة والسلام- : (لا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ العَدُوِّ)، وكان ذلك لعدّة أسباب كان من أهمها: أنَّ الناس مختلفون في الصبر على البلاء، كما وقد بيّن أنَّ ملاقاة العدو قد تكون من صور العُجب بالنفس فكان عدم ملاقاة العدو سببًا في درء هذه المفسدة أي مفسدة العجب بالنفس، ثم قال -عليه الصلاة والسلام- : (وسَلُوا اللَّهَ العَافِيَةَ)، فالعافية والسلامة أمران لا يساويان شيئًا في الحياة، والعافية من الألفاظ التي تتناول لدفع ما يكره الإنسان أن يصيبه، وخصّت بالذكر عند الحرب، لما للحرب من مجال كبير للإصابة بالمكروهات المتنوعة في المال والأهل والبدن.[٣]
كما وقد طلب -صلّى الله عليه وسلّم- الصبر على ملاقاة العدو في الحرب والقتال، وجعل -صلّى عليه وسلّم- لقاء العدو ونزاله بالسيف سببًا في دخول الجنة عندما قال: (واعْلَمُوا أنَّ الجَنَّةَ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ)، ثم سأل -عليه السلام- الله النصر، فقال: (اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكِتَابِ)، أي القرآن الكريم، وقال: (مُجْرِيَ السَّحَابِ)، أي بالأمطار والصواعق، وقال: (وهَازِمَ الأحْزَابِ اهْزِمْهُمْ وانْصُرْنَا عليهم)، أي الأحزاب الذين اجتمعوا عليه -صلّى الله عليه وسلّم- في الخندق، لكن الله قد أرسل الله عليهم ريحًا عصفتهم وهزمتهم دون قتال.[٣]
والخلاصة بالحديث تكمن أنَّ عدم تمني لقاء العدو لا يعني عدم تمني الشهادة، كما أنَّ المسلم إذا لقي العدو وجب عليه الصبر؛ لأنَّ في ذلك سببًا له في دخول الجنة.[٣]
المراجع
- ↑ سورة النحل، آية:89
- ↑ الشيخ محمد أبو عجيلة أحمد عبدالله (21/3/2012)، "أهمية الدعاء"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 7/4/2021. بتصرّف.
- ^ أ ب ت "شرح حديث اللهم يا منزل الكتاب"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 7/4/2021. بتصرّف.